واحة سيوة (الأرض الحمراء)
في العصر الفرعوني كانت تعرف سيوه باسم"شالى"
كما عرفت بالارض الحمراء في الحضارة المصرية القديمة، إذ أطلق لقب الحضارة السوداء على أرض وادي النيل ذات الطمي الأسود والمحاطة بالأرض الحمراء الصحراوية.
وهي تتميز بالنخيل والجبال والاثار القديمة والسماء الصافية والجو المعتدل والهدوء كما تتميز بالنظافة والمياه الكبريتية لذا فهي مزار للسياح للاستمتاع بجمالها ومناظرها الطبيعية الخلابة وكذا للاستشفاء فهي بحق تناجي من يعشق الجمال ويحب الحياة.
الموقع:
واحة سيوه عبارة عن منخفض كبير في الصحراء الغربية لمصر وتقع على مسافة 820 كم جنوب غرب العاصمة وغرب مدينة مرسى مطروح الساحلية بمسافة 300كم قرب الحدود الليبية، ويمتد عرضها من الشرق إلى الغرب50 كم تقريباً، وفي شرقها واحة الزيتون، وغربها "المراقي"، أما طولها فيصل من الشمال إلى الجنوب نحو 8 كم.
سياحة علاجية:
ولها أهمية كبيرة في السياحة العلاجية والاستشفاء كما انها تتميز بالهدوء والسحر الطبيعي ونقاء الهواء فلم تصله سموم المدن كما تتميز بصفاء سماؤها واعتدال مناخها.
ففي وسط أحضان الصحراء الغربية ، أنعم الله على مصرنا الحبيبة بهذه الواحة التي تُعد بحق أجمل واحات العالم، تتمتع بطبيعة ساحرة، فيأتي إليها السائحون للاستمتاع بهذه المناظر الطبيعية والفطرية الجميلة، حيث بيوتها الطينية ذات الأشكال الحرة من العمارة القديمة، وجبالها الصخرية التي إذا نظرنا من فوقها نستطيع أن نرى الواحة بأكملها، بنخيلها الأخضر الكثيف الذي ليس يضاهيه مثيل بين بقاع الأرض، وعيونها المتفجرة التي تروي سكانها بعذوبتها.
عيون:
هناك العيون التي تزيد الواحة جمالا (كانت تضم نحو 1000 عين، ظل بها 200حتى الآن، لا يستعمل منها للري أو الشرب سوى 80 عينا فقط). ومن اشهرالعيون التي تمد الواحة بكميات عظيمة من المياه عين تجزرت وعين الدكرور وعين قوريشت والزيتون والمراغي، كما أن هناك ينابيع لها قيمتها التاريخية كعين الحمام وعين طاموسة وعين خميسة ثم عين الجربة، وعين الشفاء وهى أحلى هذه العيون تذوقا.
كما أن بعض هذه العيون تستعمل في الري، وغيرها يستخدم في العلاج حيث رائحتها الكبريتية وقد يستحم نساء سيوه والأغورمى عادة في عين الحمام "عين كليوباترا"، أما الرجال فيفضلون عين موسى "عين طاموسة". وقد تتجمع هذه العيون أحيانا في منطقة واحدة متجاورة جدا منها الساخن وآخر بارد وثالث حلو ورابع مالح والمسافة بينهما جميعا لا تتجاوز أمتار قليلة، ومن ابداع الخالق عز وجل اننا يمكن ان نشاهد عينا حلوة في وسط مستنقع مالح.
أما عين كليوباترا التي تعرف بعين الشمس فهي قريبة من معبد آمون، وتعد من العيون الشهيرة جدا في الواحة، وقد ذكرها المؤرخ هيردوت وغيره من المؤرخين "أن حرارة مياهها ترتفع وتنخفض بحسب توقيت ساعات اليوم المختلفة"، ومن المعتقد أنها العين التي زارها الإسكندر في رحلته إلى سيوه، وقد وردت في القرآن الكريم "عين حمئة".
مياه كبريتية:
والمياه الساخنة بالواحة تنقسم إلى نوعين مياه ساخنة عادية ومياه ساخنة كبريتية كتلك التي تتوفر فيها خاصة عند مساحة ( 18 ك . م ) من قلب الواحة، وتلك المياه الكبريتية تستخدم علميًا على نطاق واسع في العالم، حيث تعالج نوع خاص من الطين بهذه المياه، يتم استخدامها في علاج الكثير من الأمراض الجلدية ومشاكل البشرة كما يمكن استخدامها أيضا في علاج الجهاز التنفسي.
تلال رملية:
كما تطوق الواحة تلال رملية تنبت فيها الحشائش والحلفا.والرمال الموجودة بجبل الدكرور (يقع فى الجنوب الشرقى من واحة سيوة ويعتبره مواطنو سيوة جبلاً مقدساً) تحتوى على إشعاعات تساعد في علاج مرض الروماتيزم وشلل الأطفال والصدفية وآلام المفاصل والشعور العام بالضعف والوهن والجهاز الهضمي، ويقوم على العلاج شيوخ متخصصون فى طمر الجسم بالرمال
(العلاج بالدفن) لفترات تتراوح بين ربع الساعة ونصف الساعة يومياً على امتداد أسبوعين فى أشهر الصيف نهاراً.
وقد ذاع صيت هذا النوع من العلاج البيئى الطبيعي حتى صار جبل الدكرور مقصداً مشهوراً للسياحة العلاجية، لذا يفد إليه المصريين والسائحين العرب والأجانب، للاستشفاء خلال شهري يوليو وأغسطس من كل عام، لذا تعتبر واحة سيوه منتجعاً طبيعياً للاستشفاء وقبلة والعلاج.
والعلاج الطبيعي في واحة سيوة يضاهي العلاج الطبيعي في كارلوفي فاري التي تُعد أشهر وأكبر مصحات العلاج الطبيعي في الجمهورية التشيكية، التي تأسست عام 1350م، والعلاج الطبيعي في كارلوفي فاري يعود الى الطبيب "فاتسلاف باير" في عام 1522م. ويوجد في منتجع كارلوفي فاري 12 ينبوعا للمياه المعدنية الشافية. اكثرها شهرة وأقواها مفعولا هو ينبوع "فرجيدلو" الثري بمياهه الجوفية المتدفقة من عمق يتراوح بين ألفين وثلاثة آلاف متر، وتبلغ درجة حرارته حتى 70 درجة مئوية، أما درجات حرارة الينابيع الأخرى فهي اربعين درجة مئوية.
املاح:
والأراضي السبخة تغطيها طبقات بيضاء من الملح الذي يجمعه أهالي الواحة في ليلة عيد الأضحى لتمليح الزيتون والطعام.
زراعة:
تحتل الأماكن الزراعية فيها ربع مساحتها والتي ترتفع نحو ثلاث أو أربعة أقدام عن الأراضي السبخة، تحاط دائما بسياج من جريد النخيل ليمنع عنها هبوب سفا الرمال الخفيفة المتنقلة.
المعالم الاثرية:
كما يوجد بها العديد من المعالم الاثرية الذي يرجع تاريخها إلى العصر الفرعونى و الرومانى التي تجذب السياح ومنها معابد جوبيتر آمون والخزينة ومعبد التنبؤات وجبل الموتى الذي يضم مقابر فرعونية ترجع للاسرة 26.
كذلك القاعدة التي توج فيها الإسكندر الأكبر الذي زارها عام 333 ق م حيث نصبه الكهنة ابنا للإله أمون وتنبئوا له بحكم مصر والعالم القديم المعروف في ذلك الوقت، ويعد هذا من أهم الأحداث التي مرت بها الواحة وجعلت لها شهرة كبيرة، بل وأصبحت المكان الخاص والمميز بالنبوءات .
شهرتها:
بجانب شهرتها بالعلاج الطبيعي والمناظر الطبيعية الخلابة والآثار القديمة تشتهر واحة سيوه ايضاً بالتمر والزيتون والصناعات اليدوية من سجاد ومنسوجات. كما كانت تشتهر بصناعة طراز مميز من حلي الفضة، الذي تكالب عليه السياح الأوربيين.
العادات والتقاليد:
أهالي واحة سيوة يختلفون عن بقية سكان مصر ولهم لغتهم الخاصة المحلية ومازال أهالي سيوه متمسكين بعاداتهم القديمة والمحافظة عليها، حيث لا تخرج نساءهم إلا قليلا وفي جماعات، يرتدين الرداء السيوي المعروف والمزخرف ولا يخرج سوا البنات والفتيات الصغيرات واللاتي لا يتعدين السابعة عشر، واللاتي لم تتزوجن، أما الرجال فهم يلبسون الجلباب الأبيض وكأنه زي البلد الرسمي، يرتديه الجميع حتى الموظفون في المصالح الحكومية.
اللغة:
أهالي واحة سيوة يتكلمون اللغة السيوية، وهي إحدى تنويعات اللغة الأمازيغية، كما توجد نسبة من السكان من أصل أفريقي أسود "من غرب أفريقيا جنوب الصحراء" هم الدكرور، الذين أثروا ثقافيا في الواحة منذ القدم، ويعد المهرجان الشعبي الديني السنوي الذي يقام في الخريف من كل عام بمثابة حدث ثقافي وسياحي هام في الواحة.
مزار للفنانين:
تُعد واحة سيوة مزارا هاما للفنانين التشكيليين، حيث يستلهمون الطبيعة الخلابة في أعمالهم التشكيلية، فهي من الأماكن العالمية الفريدة التي تحمل طابعا مميزا خاصا بها يثري خيال الفنان.
ورغم ان سيوة من أقدم المناطق في مصر إلا انها اصبحت من المزارات السياحية المصرية المهمة في العشرين عاما الأخيرة.
وعليه فان هذه الواحة التي يُكثر بها النخيل الذي يتدفق منه اشهر تمر في مصر والرمال الساحرة والبقاع الخضراء والمياه الساخنة والكبريتية التي تغمر من العيون الساحرة والآثار الفرعونية والأغريقية والرومانية والتي ذاعت شهرتها كعلاج طبيعي يفد اليها المصريون والاجانب من كل صوب وحدب لذا فهي بحق من بقاع الدنيا الجميلة والخلابة ... واحة سيوة الدافئة.
د/ عماد رمضان سليمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق