الأحد، أبريل 03، 2011

المخدرات ، والادمان ....بين الواقع والمأمول

بسم الله الرحمن الرحيم

المخدرات ، الادمان بين الواقع والمأمول

هناك العديد من المشكلات التي تتعرض لها الدول النامية والدول المتقدمة على حد سواء وإن اختلف حجمها من دولة إلى أخرى، ومن مجتمع إلى آخر، ومن المشكلات التي يتعرض لها مجتمعنا مشكلة سرعة معدلات النمو السكاني والهجرة الداخلية من الريف إلى الحضر خاصة انتقال الناس جماعة وأفراداً إلى العاصمة التي تكاد أن تنفجر سكانياً مما ترتب عليه قلة بعض الخدمات كما تمخض من ذلك انتشار العشوائيات وما ترتب عليها من ظهور أمراض اجتماعية كثيرة.

وعليه فيجب أن ننظر بعين المستقبل لمنع حدوث كارثة ضخمة فتلك المدينة التي يعود عمرها إلى ما يربو من ألف سنة، وكذا فهناك العديد من المشكلات التي سببتها قلة فرص العمل في الريف والقرى والتي أدت إلى الهجرات الداخلية كما سبق الذكر فانتشرت العشوائيات في القاهرة فظهرت مساكن الصفيح والكرتون والأخشاب في أطراف المدينة بل وداخلها أيضاً، فتمخض عنها العديد من المشكلات والأمراض الاجتماعية ومنها على سبيل المثال لا الحصر البطالة والسرقة والدعارة وانتشار المخدرات والإدمان والنزاع الأسري والقتل والاغتصاب.

هذا فاستخدام المواد المخدرة يضرب في أعماق التاريخ ويعود إلى حوالي 5000 سنة. فمنذ العصور السحيقة قام أناس بزراعة نباتات مخدرة لأغراض ترفيهية أو طبية أو اجتماعية. لكن البدايات المعاصرة لاستخدام المخدرات خاصة في الغرب بدأت بالاستخدام الطبي للمخدرات، وكان الأطباء يصفون مركبات الأفيون كعلاج بل إن أحد الأطباء كتب كتابا يبين فيه للأمهات متى وأين تستخدم المخدرات لعلاج أطفالها. وكان جهل الأطباء حينئذ بالمخاطر التي يمكن أن تنتج عن إدمان هذه المواد، جعلهم يستخدمونها على نطاق واسع لعلاج العديد من الأمراض والآلام. وقد اتسع نطاق استخدام المخدرات إلى أن دخلت في كل علاج حتى مهدئات الأطفال. وفي الحرب الأهلية في أميركا كان المورفين يستخدم علاجا في حالات الإصابة حتى سمي الإدمان على المورفين آنذاك "مرض الجندي". وفي سنة 1898 أنتجت شركة باير في ألمانيا مادة مخدرة جديدة على اعتبار أنها أقل خطورة وكانت هذه هي مادة الهيروين التي تبين أنها أكثر خطورة في الإدمان من المورفين، الذي جاءت بديلا عنه. وعندما أدرك الأطباء وعموم الناس مخاطر الإدمان كانت المخدرات قد انتشرت بشكل واسع جدا.

وعليه فمشكلة تعاطي المخدرات واحدة من أخطر المشكلات النفسية والاجتماعية التي تواجه العالم كله بمختلف مجتمعاته العربية والغربية وهناك كثير من الدلائل المتعددة التي تكشف عن مدى خطورة هذه المشكلة منها أنها لا تهدد مجتمع واحد فحسب وإنما تهدد كل المجتمعات سواء المتقدمة أو نامية، تمثل المشكلة أضراراً مادية وصحية ونفسية بالغة.

ومن هنا يجب التصدي لهذه المشكلات والأمراض الاجتماعية والعمل على الوصول لحلول جذرية وليس مجرد مسكنات وعلينا من الآن أن نضع في اعتبارنا بان "الوقاية خير من العلاج" فعلى المسئولين جماعة وأفراداً وكذا المؤسسات الاجتماعية والثقافية والتربوية ودور العبادة ووسائل الإعلام أن تحتذي حذو الدول المتقدمة بأن تنظر للمشكلة أو الأزمة قبل وقوعها والعمل على منعها.

وعليه فسوف نستعرض أحدى هذه المشكلات الواقعية الخطيرة على مجتمعنا والتي تهدد ليس فقط المجتمع بل الوطن بأسرة إلا وهي مشكلة انتشار المخدرات والإدمان للوقوف على أسبابها ونتائجها ومحاولة وضع بعض الحلول وللحد من انتشارها و القضاء عليها.

أسباب تعاطي المخدرات :

اتفق معظم الباحثين على أن هناك عوامل كثيرة تدفع الإنسان لتعاطي المخدرات تتلخص فيما يلي :

1- التقليد والمحاكاة : الكثير يُقلد الأصدقاء والمعارف والآباء والأمهات فيما يقومون به دون تفكير حقيقي في صحة أو عدم صحة ما نقوم بتقليده ، كما أن الكثير منا يُقلد ما يراه على شاشة " التلفزيون " " السينما " وخاصة وأن نجوماً محببين إلينا يؤدون أدوار جميلة قد يقومون فيها بدور واحد من المدمنين فنقلدهم دون وعي أو دراية .

2- الاعتقاد الخاطئ : بأن المخدرات لها تأثير منعش " مبهج " والكثير من الناس يعتقد أن للمخدرات تأثيراً منعشاً وترتبط المخدرات في ذهنه بالضحك والفرفشة ، وهذا مجرد وهم خاطئ ، فالمخدرات تجلب الهم والغم لنا وتحطم الصحة وتقرب إلى طريق الجريمة وتزرع فينا كل ما هو سيئ .

3- العلاقة الخاطئة : بوجود علاقة بين تعاطي المخدرات والقوة الجنسية إن الطاقة الجنسية تقوى مع صحة الإنسان فإذا كانت المخدرات تضعف صحة الإنسان فكيف تزيد الطاقة الجنسية ومعروف أن تعاطي المخدرات يُضعف أجهزة الجسم والأغرب من هذا أن أكثر المناطق تعرضاً للضرر هي الطاقة الجنسية فالحيوانات المنوية تضعف وتصاب الخصية بالضمور وتقل مناعة الجسم للأمراض.

4- مجاراة أصدقاء السوء : الكثير منا ينقاد إلى صداقات سيئة قد تأخذه إلى ا لضياع خاصة والكثير من هؤلاء الأصدقاء يحاول أن يجعل من زملائه مدمنين بتشجيعهم على تعاطي المخدرات وما لم يأخذ منه المخدرات ويتعاطاها وصفه بأنه لازال طفلاً ، أو أنه خوّاف أو أنه لا يزال غير مسئول إلى غير ذلك من الأوصاف والسخريات ، ومن وجهة نظري : هؤلاء ليسوا بأصدقاء بل هم أعداء ، علينا أن نتحاشاهم ونبتعد عنهم ، فالصداقة مخالفة لما يتصف به هؤلاء تماماً .

5- الهروب من الواقع : والكثير منا يواجه مشاكل يومية علينا ، ولا شك أن البعض منا يهرب من حل مشكلاته وقد يقنعه بتعاطي المخدرات أو الخمور لنسيان ما حدث وعدم التفكير فيه، ويؤسف أن الكثير من الأفلام التي تظهر هذا الموقف : البطل في مشكلة يصعب عليه حلها ويذهب إلى " البار " ليشرب الويسكي وينسى .

6- إظهار الرجولة أو الأنوثة : وذلك يعني أن الفتى أو الفتاة يتعاط كل منهما المخدرات لإظهار تحررهم من قبضة الأسرة على اعتبار أنهم أصبحوا كباراً ، وهذا الدافع غالباً ما يظهر في فترة المراهقة ، وعلينا الحذر كثيراً فالرجولة والأنوثة مسؤولية وليست هروباً منه .

7- التظاهر والمباهاة و "العنطزة" : وهو كثير الحدوث في الشباب بحكم السن وعدم الخبرة خاصة الأثرياء منهم بحكم أسرهم وضعف الإشراف عليهم .

8- الرغبة في تجربة كل جديد : وهو دافع خطير في غالبية الشباب والفتيات وذلك بالنظر إلى أن التجربة قد تقودنا إلى هاوية الإدمان ، وبعض المتعاطين والمدمنين للمخدرات أدمنوا المخدرات نتيجة حبهم للتجربة والاستطلاع لمعرفة أثر بعض المخدرات فتعاطي الكحول أو الحشيش يدفعه حبه للتجربة لتعاطي أي مخدر آخر لمعرفة النشوة والمتعة التي يحدثها ذلك المخدر مما يوقعه في الإدمان متى جرب مخدراً قوي التركيب والخواص .

9- شخصية المتعاطي : تلعب شخصية الفرد وتركيبتها واضطرابها دوراً كبيراً في تعاطي المخدرات فالفرد الأناني وضعيف الشخصية ، والفرد الإمعة والفرد ناقص النضج الانفعالي والنفسي والجنسي والفرد دائم التوتر ، والفرد المحبط أو المعرض للإحباط باستمرار ، والفرد غير المتوافق مع المجتمع نفسياً واجتماعياً ، والفرد المضطرب الشخصية ، كلهم أفراد معرضون لتعاطي المخدرات وإدمانها وذلك لتعويض وتغطية هذا الاضطراب والنقص الذي يحسون به .

10- المشاكل النفسية : إن الأفراد الذين يعانون من الاضطرابات السلوكية واضطراب الشخصية والانحرافات السلوكية والأمراض النفسية كثيراً ما يتعاطون المخدرات كحل لبعض اضطراباتهم كما يعتقدون .

11- ضعف الوازع الديني : يعتبر ضعف المشاعر الدينية وضعف الوعي الديني وعدم احترام المجتمع لهذه المشاعر يزيد من عدد المتعاطين للمخدرات ، حيث يفقد الفرد أي صلة بخالقه فيبتعد عن تنفيذ أوامره وينجر وراء نزواته وأهوائه الدنيوية .

12- المشاكل والأحداث الأسرية : إن أغلب حالات التعاطي والإدمان هي نتاج البيوت المحطمة والبيوت التي خلت من الود والحب والتي بعثرها وشتتها تعدد الزوجات والتي فشل أربابها في إشباع حاجات أطفالهم الجسمية والنفسية والاجتماعية وما يصاحب هذه البيوت من مشاكل وفتور وخصومات وطلاق وانفصال وصراع وعدوانية وأنانية والقسوة والظلم الشديد والدلال الزائد والنقد الدائم وفرض النظم الجامدة وفرض العزلة والانطواء وسوء التنشئة ، وعدم الرقابة الأسرية على الأبناء ، وعدم معرفة أصدقاء الأبناء ، ووجود القدوة السيئة بالأسرة ، وعدم تحمل المسؤولية من الوالدين ، وتفضيل بعض الأبناء على الآخرين ، كل هذه العوامل الأسرية تجعل من الأفراد متعاطين ومدمنين على المخدرات كوسيلة من وسائل التعويض والهروب يلجأ إليها بعض من يتعرضون لهذه الظروف، كما تلعب المشكلات الأسرية دوراً بالغَ الأهمية في إعاقة دور الأسرة في تربية أبنائها وتنشئتهم التنشئة الاجتماعية السليمة، مما يؤدي في نهاية الأمر إلى انجرافهم مع تيار الانحراف . ومن تلك المشكلات ما ينشب بين الأبوين من شجار، أو اختلافهما في أسلوب التربية مما يجعل الأبناء في حيرة من أمرهم ، إلى من يميلون ومَنْ يصدقون ؟ . كما أن أسلوب التنشئة الذي لا يعرف إلا القسوة في التعامل مع الأبناء دون الاستبصار بعواقب هذه القسوة ، يقود الأبناء إلى النفور من آبائهم وأمهاتهم وأسرهم ، وقد يجعلهم ينتقمون من ذلك بالوقوع بالخطأ .

وعلى النقيض من ذلك انتهاج أسلوب الدلال الزائد والإهمال بحجج واهية ، مما قد يجعل الأبناء عرضة للوقوع في شراك المخدرات.

13- العوامل الاقتصادية : إن مشاكل الفقر والبطالة بأنواعها ومرارة العيش ومشاكل العمل المختلفة والطرد من العمل ، والإجهاد في العمل ، والمفاضلة بين العمل ، وانخفاض الأجور والمرتبات ، وغلاء الأسعار ، كل هذه العوامل تكون أسباباً لتعاطي المخدرات ، كأحد أنواع الانحرافات التي يلجأ إليها الفرد .

14- العوامل الطبيعية وحالات الحرب : إن الكوارث الاجتماعية والطبيعية من مجاعات وحرائق وزلازل وبراكين وفيضانات وحالات الحرب كلها أحداث تخلف الفقر والمرض والدمار وخيبة أمل وذهولاً ويأساً وحزناً وكثيراً من المآسي والآلام فتنهار القيم والمثل نتيجة لهذه الأحداث مما يسبب القلق والاكتئاب والخوف عند بعض الأفراد مما يدفعهم لتعاطي المخدرات للتخفيف من آثار هذه الكوارث ونسيان ما حدث لهم نتيجة لهذه الأحداث وما خلفته من آثار مؤلمة وذكريات قاسية ومريرة .

15- العوامل الاجتماعية والثقافية والحضارية : وتشمل هذه العوامل انهيار القيم الدينية والمعنوية والأخلاقية وتدهور نظام القيم ، وانتشار الرذيلة والفواحش والإباحية والملاهي والمراقص ، وانتشار الثقافات الفرعية الدخيلة على المجتمع ، والتحضر الزائف المبني على أسس خاطئة والتطور السريع غير التدريجي ، والهجرة وما يتبعها من ضغوط ، ومجاراة الحضارة الجديدة ، والحراك الاجتماعي ، وفشل وسائل الضبط الاجتماعي ، ووجود الطبقات الاجتماعية في المجتمع والمعايير الاجتماعية السائدة في المجتمع ، وطغيان الجانب المادي على الأفراد والمجتمعات ، وفشل الأفراد في القيم بأدوارهم داخل المجتمع ، والأمراض الاجتماعية المختلفة ، وسوء التوافق الاجتماعي والمدرسي والمهني ، وانتشار الثقافات المريضة والإعلام الفاشل ، كل هذه الانحرافات التي يلجأ إليها الأفراد.

16- الفراغ كسبب مهم من أسباب التعاطي : يعاني الكثير من الأفراد خاصة الشباب من أوقات الفراغ الكثيرة التي لا يستطيع تغطيتها بالأنشطة وذلك لعدم وجود أماكن للنشاط مثل الأندية والبرامج الهادفة لملئ هذه الأوقات مما يدفع البعض لتعاطي بعض أنواع المخدرات كالمنشطات والمنبهات وعقاقير الهلوسة لإحداث أمزجة ومشاعر خاصة تساعد على الاستمتاع بأوقات الفراغ ، ومع التكرار للتعاطي يتورطون في إدمان هذه المخدرات.

17- عدم الاستقرار النفسي واختلال الدور الاجتماعي :

قد يلجأ الفرد إلى المخدرات كهروب من الواقع في ظل الضعف وعدم الاستقرار النفسي وعدم التوافق والتكيف مع الحياة والمجتمع. كما أن اختلال الدور الاجتماعي للفرد أو حرمانه من القيام بهذا الدور من العوامل القوية التي تقف وراء تعاطي المخدرات . فعلى سبيل المثال هناك ظروف اجتماعية متعددة تضغط على إدراك المراهق لدوره الاجتماعي (كأثر القيم الجديدة الوافدة على كيان الأسرة الخليجية مثلا ) ، حيث وضعت المراهق أمام موقف صعب تجاه ما هو تقليدي، وما هو مستحدث في ظل ضعف الرقابة الاجتماعية ، ولعل أحد دوافع استخدام المخدرات كان نتيجة ذلك الصراع .

18- ضعف التكوين العقدي والقيمي :

يرتبط السلوك المنحرف ارتباطا وثيقا بضعف الوازع الديني و التكوين القِيْمي ، إذ أن لذلك أثراً فاعلاً في ميل الفرد إلى الإقبال على تعاطي المخدرات والمسكرات ومن ثًمًّ الإدمان عليها .

19- مرحلة المراهقة ذاتها :

تعتبر مرحلة المراهقة من المراحل الحرجة في حياة الفرد، وتتطلب المزيد من الجهد لمواجهة متطلباتها بالأساليب التربوية ، والتركيز على دور الأسرة والمدرسة ومؤسسات المجتمع بعامة في عملية التنشئة وذلك بمزيد من الفهم لحاجات المراهقين، مع الأخذ بعين الاعتبار إشباع الحاجة إلى تقدير الذات لديهم ، لما لذلك من أهمية بالغة في تنشئتهم بشكل سوي ، وحمايتهم وتوجيههم من تبعات طبيعة هذه المرحلة وقلة خبرتها في الحياة، وما فيها من أخطار . كما أن لرفقاء المراهق (الزميل، الصديق ، الرفيق ،الخوي،الصاحب .. الخ) - وكلها ألقاب للصديق الخاص أو الأصدقاء الذين يظهرون في مرحلة المراهقة – لهم دوراً بالغا في التأثير عليه بالوقوع في شراك المخدرات، حيث يُعْتَبَرُون الأسرة البديلة عن أسرته، ومثله الأعلى، والمساهمة في تشكيل شخصيته . فآراؤهم وأفكارهم محط اهتمامه، وهم ملاذه في الأزمات وفي مواقف الضعف التي يتعرض لها خاصة عندما يرى أن الأسرة مصدر هذه الأزمات. وهنا مكمن الخطورة عندما تكون هذه الرفقة من سيئي السلوك، مما قد يقود إلى المخدرات.

20- وقت الفراغ :

لقد أثبتت بعض الدراسات الميدانية التي أجريت على المدمنين أن قضاء الشباب لأوقات الفراغ في أمور لا تعود عليهم بالنفع من الأسباب الرئيسة المؤدية إلى الإدمان . وهذا يعني أن عدم القدرة على استغلال أوقات الفراغ وقضاءها على النحو الذي يعود بالنفع على الفرد والمجتمع يؤدي في الغالب إلى إتاحة الفرصة أمام المراهقين إلى الميل نحو تعاطي المخدرات، وعليه سوف نستعرض بعض أنواع المخدرات وتوضيح مدى خطورتها على البشرية جمعاء.

أنواع المخدرات

تعريف المخدر:

يُعرف المخدر علميا بأنه مادة كيميائية تسبب النعاس والنوم أو غياب الوعي.وتعرف المخدرات بأنها مجموعة من المواد ( النباتية أو المصنعة ) تسبب الإدمان وتسمم الجهاز العصبي، ويحظر تداولها أو زراعتها أو صنعها إلا لأغراض تحددها القوانين( للأغراض الطبية مثلا ).

تتنوع المخدرات وتنقسم على مخدرات طبيعية ونصف مصنعة ومصنعة على النحو التالي:

أ- الطبيعية:

وهي عبارة عن نباتات طبيعية تحتوي أوراقها وزهورها وثمارها على المادة المخدرة مثل الحشيشه، القات، المارجوانا، الأفيون الخام، الكوكا، الصبار، فطر عش الغراب

ب – مواد نصف تصنيعية:

وهي عبارة عن تفاعل كيميائي مع مواد مستخلصة أصلا من نباتات مخدرة، ويكون الناتج أقوى من المادة الأصلية.

ج – الاصطناعية( المصنعة):

وهي عبارة عن مواد ليست من أصل نباتي ، وهي مواد مخدرة تنتج عن تفاعلات كيميائية معقدة بين مركبات كيميائية مختلفة . وللعلم فإن هذه المواد يُستفاد منها عندما توظف إيجابيا لخدمة الإنسان في الطب النفسي والتخدير الذي يخدم العمليات الجراحية ونحو ذلك . ولكنها تُستخدم بطريقة غير شرعية، ويُصَنّع قسم منها للاستخدام السلبي المدمر.مثل : الكبتاجون، السيكونال ، المذيبات الطيارة مثل ، مواد كيميائية سامة ن خطيرة جدا ، مثل البنزين – الغراء – الباتكس – التِّنَر ..الخ ، الأم فيتامينات ، عقار الهلوسة( إل - إس - دِ )، وعليه سوف نستعرض بعض أنواع هذه المخدرات على النحو التالي:

التدخين: يمثل التدخين الخطوة الكبيرة الأولى أو النافدة التي يطل منها الشباب إلى عالم المخدرات. فقد يكون اندفاع المراهقين نحو التدخين بهدف إبراز الذات، والتحدي والحصول على صورة لذواتهم تعطيهم شيئا من النشوة التي يبحثون عنها. لكن ظروف التدخين والرفقه السيئة ومحدودية اللذة التي يجلبها التدخين تدفع بعض المدخنين الصغار إلى البحث عن درجات أعلى من النشوة واللذة. فعندها يتولد لديهم الاستعداد لتعاطي مواد مخدره أخرى وتزول من أمامهم حواجز الحرمة أو الخشية من التعاطي. وبزوال هذه الحواجز الأخلاقية والقانونية يصبح الطفل/ الشاب قابلا لأي عرض يقدم له.

الكحول: كما تدل الدراسات والأبحاث العلمية يبدأ معظم متعاطي الحشيش أو الماريوانا أولا بشرب الكحول. وبينت كثير من الدراسات العلمية (مثلا Kandel, et al 1992) أن استخدام المخدرات يبدأ بتعاطي البيرة والخمرة. فإذا كان هناك مادة تعتبر بوابة رئيسية في مسلسل تعاطي المخدرات فإنها تحديدا هي الكحول (أم الخبائث). وتشير الدراسات تلك إلى أنه في مجتمعات الغرب يبدأ الشباب بتناول مواد تعتبر مقبولة اجتماعيا عندهم مثل البيرة والخمر، ثم إن عددا منهم سوف يبدؤون بعدها بتعاطي المخدرات. وهناك نتيجة بحثية مدهشة حول العلاقة بين التدخين/ والكحول تشير إلى أن الذين يبدؤون بالتدخين فمن المحتمل أن يستخدموا خمورا قوية، لكن الذي يبدأ بشرب خمور فمن غير المحتمل أن يبدأو تدخين السجائر.

"وهكذا في حين أن الشرب يمكن أن يستمر دون التدخين، لكن التدخين إلى حد ما دائما متبوع بشرب الخمر القوي. والاستخدام المزدوج للسجائر والخمر القوي مرتبط بالدخول إلى عالم المخدرات الممنوعة. وقال احد الباحثين الذي أجرى دراسة تتبعية حول تعاطي المراهقين للمخدرات "إن تعلم تدخين السجائر هو تدريب ممتاز لتعلم تدخين الماريونا (الحشيش) حيث إن تدخين الماريونا إلى حد ما دائماً يبدأ بتدخين السجائر(Johnston, 1996).

لكن هذا لا يعني فقدان الأمل لكسر دائر التعاطي هذه. فبالإمكان التدخل والتوعية وكسر هذه الحلقات المتتابعة وحماية الشباب من السقوط في مستنقع المخدرات السحيق. لكن الأمر الهام هنا، يكمن في الوعي بالسلوكيات التي تعتبر فاتحة ومقدمة لسلوكيات أسوأ. فالتدخين بين الشباب ينتشر دون اتخاذ خطوات جادة لمنعه أو مقاومته، فإن التساهل مع التدخين سوف يستمر إلى ما هو أصعب وأكثر كلفة.

الحشيش ( القنب المواريهوانا )

الحشيش :

الحشيش أكثر المخدرات انتشاراً في العالم ويطلق اسم الحشيش على النبات وعلى الراتنج آي إفراز القمم المزهرة لنبات القنب والسطح العلوي لأوراقه وعلى أطراف النبات المورقة والمزهرة وهي تشبه في مظهرها التبغ ولكن لونها يميل إلى الاخضرار أكثر من اللون البني .

ولبنان مصدر من مصادر إنتاج الحشيش الذي يمتاز بجودته واحتوائه على نسبة كبيرة من العنصر الفعال تتراهيد روكنابينول THC وتتركز زراعة الحشيش في وادي البقاع . ويحصد نبات القنب ( الحشيش ) بعد اكتمال نضوجه ويربط حزماً تجفف في الشمس وعندما يجف تتساقط منه ذرات الحشيش ( الراتنج ) كما يمكن جمع الراتنج أثناء فترة تزهير النبات عن طريق كشطه من سطح الأوراق العليا للنبات . وقد تترك ذرات الحشيش على شكل مسحوق ويسمى بوردة الحشيش ويتراوح لون المسحوق بين البني الفاتح والأخضر وبين البني الغامق والأسود . ثم ينقل النبات إلى مكان نظيف محكم الغلق تغطى حوائطه وجدرانه بقماش أبيض ويقوم عمال مدربون بضرب النبات بالعصا فتفصل سيقان النبات عديمة الفائدة ويتطاير في الغرفة غبار الحشيش الهبو ، أما ما يتبقى بعد فصل السيقان عديمة الفائدة فيدق ويغربل في غرابيل ذات عيون خاصة وينزل من الغرابيل ذات العيون الضيقة الحشيش الأكثر جودة وينزل الحشيش الأقل جودة في العيون الواسعة . ثم يكبس الحشيش بمكابس خاصة ويغلف بقماش وتسمى طرب الحشيش طرب كبس رقم (1) وطرب كبس رقم (2) وطرب كبس رقم (3) حسب الجودة والطربة قد تكون 2ك وقد يكون كيلوا واحداً وقد تكون ربع ك ، أو ثمن ك ، سدس ك ، واحد على عشر ك .

والحشيش إما أن يكبس على شكل كتل أو يمزج مع الشمع على شكل ألواح مثل الحشيش المغربي والحشيش الباكستاني ، وفي المغرب يعرف الحشيش باسم ( كيف ) وفي الهند وباكستان باسم شاراس ، والحشيش السائل ويسمى في أوساط تجار المخدرات والمدمنين زيت الحشيش ، وهو شكل مصنع بطريقة غير شرعية لخلاصة القنب ويتم تحضيره باستخدام التبخر والتكثيف وهو مادة لزجة لونها أخضر قاتم ولها قوام القار ولا تذوب في الماء وتغدو أكثر كثافة إذا تعرضت للهواء . وقد أدرج الحشيش تحت الرقابة الدولية بناء على اتفاقية المؤتمر الثاني للأفيون التي وقعت في جنيف ( فبراير 1925 م ) .

المار يهوانا ( البانجو ) :

عندما تقل نسبة العنصر الفعال THC في نبات القنب لا يمكن الحصول على راتنج الحشيش منه كما لا يمكن تجفيف النبات وصنع طرب وكتل وألواح الحشيش منه . وفي هذه الحالة تجمع أوراق النبات وتجفف وتلف أو تدق وتسمى الماريجوانا أو المار يهوانا أو ( البانجو ) .

وفي الولايات المتحدة الأمريكية تلف أوراق النبات على شكل سيجارة وتدخن في تجمعات الهيبز ويطلق على الماريجوانا أسماء كثيرة ففي جنوب أفريقيا بانج ، وفي شمال أفريقيا ديامبا وريامبا ، وفي روسيا أنا شكا ، وفي الولايات المتحدة الأمريكية ماريوانا وجيغو وماري وارنر وموجلس ديفرز ، وفي البرازيل ليمبا ، وفي المكسيك روز ماريا .

وقد مكنت التقنية الحديثة من زراعة المار يهوانا في المحميات المغلقة وعلى المسطحات المائية بالإضافة إلى تجويد إنتاجها وتنتشر في الولايات المتحدة الأمريكية مزارع صغيرة لزراعتها للاستخدام الشخصي ، كما تنتج المار يهوانا في نيجيريا وغانا وفي أفريقيا وفي كولومبيا في أمريكا الجنوبية ، وتمكن الزراعة في المحميات المغلقة والزراعة المائية من زراعة الحشيش ثلاث أو أربع مرات في السنة .

وفي مصر حيث يوجد في الصعيد والدلتا أقل أنواع الحشيش جودة يصنع شكل آخر من الحشيش يختلف عن الراتنج والمار يهوانا فبعد تجفيف أوراق نبات وزهوره وفركها تغلى في ماء ساخن وتكون كوراً صغيرة تسمى فوله . وقد انتشر في مصر مؤخراً زراعات الحشيش في جبال سيناء وتبين أن البانجو السيناوي أكثر جودة من البانجو السوداني لذا حل محله في مصر .

الخشخاش (الأفيون): نبات الخشخاش هو المصدر الذي يؤخذ منه الأفيون وهو نبات حولي يبلغ ارتفاعه من 2 إلى 4 أقدام ينتج أزهار ذات أربع بتلات قد تكون بيضاء أو قرمزية أو حمراء أو بنفسجية أو أرجوانيـة ولكن اللون الأكثر شيوعاً هو اللون الأبيض . وللنبات رأس أو كبسولة ذات استدارة غير منتظمــة تبدو بيضاوية الشكل من القمة إلـى القاع ويتراوح حجمها عند النضج بين حجم حبـة الجوز وحجم البرتقالة الصغيرة وتحتوي الكبسولة على بذور النبات . ومناطق زراعـة الخشخاش المثلث الذهبـي ( تايلاند ، لاوس ، ميانمار " بورما " ) والهلال الذهبي ( باكستان ، أفغانستان ، إيران ) والممر الذهبي ( دول آسيا الوسطـى ) ، المكسيك ، الهند ، لبنان ، كولومبيا ، وقد زادات المساحات المنزرعة بالخشخاش في البلد الأخير على حساب زراعـة نبات الكوكا في كولومبيا ، وتبدأ الدورة الزراعية للنبات في أواخر الصيف وبعد ثلاثة أشهر ينضـج النبات المكون من سيقان خضراء يعلوهـا زهور الخشخــاش ثم تسقط الأوراق لتظهر الكبسولة ، والأفيون هـو العصير المتخثر لثمرة خشخاش الأفيون ( الكبسولـة ) ويخـرج منها إفراز له شكل الحليب وعند ملامسته للهواء يصبح أكثر تماسكاً ويتحول لونه إلى اللون البني الداكـن ثم يسقط من على الكبسولات ويجمع في أوعية خاصة وعندئذ يكون شكلـه كشكل العسل الأسود وفيما بعد يزداد جفافه ويصبح أدكن لوناً ، والأفيون يشكل على هيئة كتل أو أصابع . والأفيون هو أول مخدر وضع تحت الرقابة الدولية بناءً على معاهدة الأفيون المبرمـة فـي لاهاي بتاريخ 13 يناير 1912 م والتي دخلت حيز التنفيذ في 10 يناير 1920 م . الحشيش وأضراره:

يسبب تعاطي الحشيش تشويش إدراك الحس للزمان والمكان واختلالاً في الوظائف العقلية كما يولد إحساساً خاطئاً بالقدرة على التفكير الثاقب والخلق والإبداع وتعاطيه يسبب الاعتماد النفسي وقد يسبب الاعتماد الجسمي أيضاً وفي بعض الأحيان يؤدي التعاطي إلى الموت أو الجنون . وبالإضافة إلى ذلك فإن تعاطي الحشيش يشكل نقطة انطلاق نحو تعاطي عقاقير أكثر خطورة مثل الهيروين والكوكايين والمؤثرات العقلية من منشطات ومهبطات وعقاقير هلوسة وأحياناً يحدث أن يقوم متعاطي الحشيش بقتل أمه أو أبيه أو أبنه أو أبنته أو زوجته أو أخيه أو أخته .

القنب :

نبات القنب

نبات القنب نبات أحادي الجنس أي توجد نباتات مذكرة ونباتات مؤنثة . وقد وجد في بعض الدول نبات يحمل الأزهار المذكرة والمؤنثة معاً . وهو نبات شجيري شديد الرائحة ينمو برياً في مناطق كثيرة من العالم وهو نبات حولي يندر أن توجد منطقة في العالم لا ينمو بها أو لا يمكن زراعته بها . ويبلغ طول النبات من 30 سم إلى 6 أمتار و أوراقة ضيقة وشرشرة وتتجمع على شكل مروحي والأوراق لمعة ولزجة وسطحها العلوي مغطى بشعيرات قصيرة . ويستخرج راتنج الحشيش من الأطراف المورقة والمزهرة لنبات القنب المذكر والمؤنث على حد سواء وهذا يخالف ما كان سائداً في الماضي من أن الراتنج لا يستخرج إلا من نبات القنب الأنثى .

نمط الإدمان في مصر

الإدمان آفة تهدد مئات الملايين من الناس في شتى أنحاء العالم فما السر أو التأثر الذي يمكن أن يحدثه كأس من الخمر أو نفث من السيجارة أو شمه من الكوكايين أو الهيروين أو سيجارة من البانجو أو حقنة من الماكس أو قرص مما يطلقون عليه أو صليبه أو الفراولة أو الزومبة أو الصراصير.

التدخين كالكوكايين يؤثر على المخ:

إذا نظرنا إلى الأشياء المشتركة في كل هذه المواد بغض النظر عن أن بعضها محرم وبعضها مجرم وبعضها مسموح بتداوله مثل التبغ والتدخين فسوف نجد أن هذه المواد بينها شيء مشترك ألا وهو إنها تطلق تريليونات من الجزئيات التي تغير من كيمياء المخ وتؤثر على الموصلات العصبية الهامة اللازمة من أجل أن يظل الإنسان في حالة سلوكية ومزاجية مستقرة وذلك بمجرد دخولها الى الدم وكل هذه المواد تتسبب في إيقاف إفراز تلك الموصلات العصبية الهامة من مخازنها داخل الجسم اعتمادا على ما أخذ المدمن من الخارج مثل الدوبامين والاندروفينات وغيرها

والحقيقة أن هناك أبحاثا كثيرة تتهم هذه المادة المسماة " بالدوبامين" بأنها السبب الرئيس الذي يشعر من خلاله المدمن بالانبساط والسرور والرضا حين يتناول جرعة المخدر وذلك من خلال عملها على " مراكز الرضا "Reward Pathways بالمخ وهي التي تسبب حالة الاعتماد الكلي التي تؤدي إلى الإدمان في كل الأمثلة التي سبق ذكرها 0

وتشترك كل هذه المواد في أنها ترفع نسبة " الدوبامين" في مناطق معينة بالمخ من خلال أساليب مختلفة وقد يتعجب البعض أن إدمان الشيكولاته والقمار والجنس يرجعه العلماء أيضا لزيادة نسبة " الدوبامين " في المخ الذي يخلق نوعا من الإدمان والإحساس باللذة والسرور والنشوة

وعل الكثيرين منا لا يعرفون أن التدخين يؤثر على المناطق التي تفرز الدوبامين في المخ بنفس الكيفية التي يؤثر بها عليها الكوكايين إلا أن تأثير الكوكايين أسرع وأكثر حدة

وكما أن مادة السيروتونين في المخ مقترنة بمشاعر الحزن والاكتئاب حتى أن معظم مضادات الاكتئاب تعمل على هذه المادة من الموصلات العصبية فإننا نجد مادة " الدوبامين" في المخ مقترنة بأحاسيس السرور والانطلاق والفرح والرضا

وقد لا يعلم الكثيرون أن هذه المادة ترتفع نسبة إفرازها في المخ أيضا من خلال قبلة حانية أو حضن دافئ أو كلمة مدح وتشجيع ويوضح ذلك أن أهمية ودور حنان الأهل ومساندتهم للمدمن لكي يقلع عن إدمانه وعندما يتوقف هذا المدمن عن التعاطي فانه يعاني من اختلال حاد وربما بعض إعراض المرضية التي يطلق عليها أعراض الانسحاب وتختلف من مادة الى أخرى وهو ما يجعل هذا المدمن في حاجة إلى العلاج والأشراف الطبي حتى لا يصاب بضرر بالغ قد يؤثر على حياته

ومع تقدم العلوم الحديثة واكتشاف خبايا كثيرة عن كيفية عمل العقل وكيمياء المخ وما يحتويه من موصلات عصبية ومناعية والتكنولوجيا الحديثة التي مكنتنا من تصوير المخ وهو يفكر ويتألم ويكتئب ويدمن وغير ذلك من الحالات النفسية المختلفة من خلال جهاز PET فليس بغريب أن نجد المحاولات العديدة التي تحاول التصدي للإدمان وعلاجه من خلال وسائل مختلفة بحيث تساعد المريض على اجتياز فترة الانسحاب 00والأعراض دون حدوث ضرر بالغ وتساعد المخ على استعادة إفراز المواد والموصلات العصبية الهامة لكي يعود المدمن إلى المزاج والسلوك الطبيعي دون الحاجة إلى تعاطي المخدر مرة أخرى

وعلى الرغم من وجود الكثير من الوسائل الطبية التي تساعد المدمن على الشفاء من إدمانه ألا أنه ليس هناك حتى الآن دواء محدد يجعل المدمن يقلع عن إدمانه ولعل ذلك ما جعل فريقا من العلماء بقيادة الدكتور/ دونالد لاندري في كلية الطب بجامعة كولومبيا يحاولون الوصول إلى وسيلة لتحفيز الجهاز المناعي لكي يفرز أجساما مضادة للمادة التي تسبب الإدمان كالكوكايين مثلا بحيث تهاجمها وتكسرها بمجرد دخولها إلى الدم وقبل أن تصل إلى المخ وتحدث ما يمكن أن تحدثه من تأثير على خلايا المخ والموصلات العصبية مثل الدوبامين

الحقبة الزمنية للحشيش:

ظل الحشيش لسنوات طويلة هو العقار الأكثر انتشارا وقبولا بين المدمنين في مصر حيث كان يأتي مهربا أليها من أماكن مختلفة من أهمها لبنان (فرج 1980) وطبقا لتقارير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات فان الكميات المضبوطة من الحشيش بدأت في التراجع منذ عام 1986 ، ولكن واكب ذلك النقصان زيادة في الكميات المضبوطة من عقار آخر وهو الهيروين

حقبة الهيروين في الثمانينات:

لقد اجتحت مصر موجة من تعاطي الهيروين في عقد الثمانينات حيث كان هذا العقار منتشرا بين الشباب في النوادي الاجتماعية الكبرى وبين بعض طلاب الجامعات ، بل امتد الى بنات المجتمع المصري الأرستقراطي ، ولم يكن يعلم أحد منهم مدى خطورة الهيروين (أبو ذكري 1998) وفي إحدى الدراسات المصرية وجد أن عدد المدمنين قد زاد بشكل ملحوظ في عقد الثمانينات مقارنة بعقد التسعينات ، وتعزى هذه الزيادة الى ظهور أنواع جديدة من الأفيونات مثل الهيروين ولذلك كانت نسبته صفر% في الفترة من سنة 1972 الى سنة 1976 ، بينما يمثل 5736% في الفترة من سنة 1982 الى 1986 (عبد الجواد 1999)

العوامل التي ساعدت على انتشار الهيروين في الثمانينات

لقد ساعد على انتشار الهيروين في ذلك الوقت الكثير من الأسباب نذكر منها:

1. سهولة تهريبه عبر المطارات والمواني حيث كانت تهرب البودرة بين طيات الحقائب أو في لفائف يبلعها المهربون أو يحفظونها في أماكن حساسة من أجسادهم

2. سهولة تعاطيه شما وحرقا وحقنا في أي مكان وفي أي وقت مع عدم وجود رائحة أو آثار تدل على تعاطيه

3. سرعة ودراسة تأثيره مع ميل المدمن للانسحاب والانزواء والسلبية، وربما يرى المدمن هذه الصفات الهروبية وسيلة أمان في المجتمعات الشرقية التي تعلى من قيمة الطاعة العمياء وتعتبر المبادرة والإيجابية تجاوزا للحدود

4. توفر الأموال في أيدي بعض الفئات التي أثرت نتيجة التحولات الاقتصادية

5. وجود بعض العوامل السياسية الخارجية التي سهلت زراعته وتهريبه مثل الحرب ايران والعراق والحرب بين أفغانستان والاتحاد السوفيتي ، واضطراب الأوضاع في باكستان ، فقد ساعدت هذه الاضطرابات على زيادة نشاط العصابات التي تقوم بزراعة وتهريب هذا المخدر في هذه

الهيروين نهاية المطاف الادماني:

وعلى الرغم من شيوع استخدام الهيروين بشكل واسع في عقد الثمانينات ألا أن الدراسات المختلفة (أبو المجد 1987 وفهمي 1989) وجدت أن غالبية المدمنين يستخدمون أكثر من عقار0 ومع هذا فان مدمن الهيروين حين كان يصل في نهاية مشواره الادماني الى الهيروين فانه غالبا ما يتوقف عن تعاطي العقارات الأخرى ويكتفي بالهيروين ، وقد جعل هذا العديد من الباحثين يعتبرون أن الهيروين هو نهاية المطاف الادماني

صعوبة الدراسات الإحصائية وعدم تكامل الجهود الوقائية والعلاجية 0 وقد واجهت الباحثين الكثير من الصعوبات أثناء محاولتهم التعرف على أبعاد مشكلة المخدرات في مصر حيث يصعب جمع المعلومات بدقة في مثل هذه الموضوعات التي تحمل وصمة اجتماعية ودينية خاصة في مجتمع ذي خصائص خلقية ودينية مميزة وكان لغموض رؤية المشكلة الادمانية في مصر أثر كبير على جهود مكافحتها حيث اقتصرت على جهود متفرقة بعضها حكومية وبعضها خاصة ينقصها التكامل والتنظيم

انحسار موجة الهيروين :

ثم انحسر استخدام الهيروين في عقد التسعينات ، ويمكن أن يعزى ذلك الىعدة عوامل منها جهود الإدارة العامة لمكافحة المخدرات ، والعقوبات المشددة ضد المهربين والموزعين (عبد الجواد 1999) والحملات الإعلامية المكثفة (أبو ذكرى 1998) وغلاء ثمنه Elroey 1997) وضعف الحالة الاقتصادية ، وسوء سمعة الهيروين نظرا لما يحدثه من تدهور صحي وأخلاقي سريع للمدمن.

التسعينات حقبة البانجو :

ولكن مع الأسف فقد استبدل الهيروين بالبانجو في عقد التسعينات حيث يزرع البانجو في وديان سيناء ويهرب من السودان ، وقد أدي هذا الى تغير نمط تعاطي المخدرات في مصر وحديثا أعلن مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات أن البانجو تنتشر زراعته في الأماكن الصحراوية وسط الجبال البعيدة والتي يصعب الوصول أليها بوسائل النقل المعتادة ، ولكن يمكن الوصول أليها فقط بواسطة الهليكوبتر 0 وقد أعلن أيضا أن 75% من قضايا المخدرات في المحاكم تتعلق بالبانجو وحده وهي تصل الى 26 ألف قضية ضبط فيها 29 الف شخص 0 وقد قدرت كمية البانجو التي ضبطتها الشرطة في مصر في عام 1996 ب 7 طن ، وزادت هذه الكمية الى 31 طن في الشهور الست الأولى من عام 1999 على الرغم من الجهود الهائلة للسيطرة على انتشار هذا المخدر (عبد الجواد 1999)

إذن فمع انحسار الهيروين بدأ أن هناك مخدرا جديدا يدق أبواب كثير من شباب مصر والعالم العربي وهو البانجو ، فقد أصبح هواية الكثير من الشباب وهو سهل الحصول عليه ، ويتصور الشباب أنه لا يسبب الإدمان ، ولا خطورة منه على الإطلاق ويعتقدون أن لفائفه أقل ضررا من الحشيش وهو سهل التناول حيث تلف أوراقه الجافة في الورق على شبه مخروطي يسمى الصاروخ ويدخنه الشباب كما يدخن السجائر.

ما هو البانجو؟

له أسماء مختلفة مثل "الماريوانا" "والتكروى" والكيف "والجنزفورى " وهو القمم المزهرة التي تقطف من أعلى شجرة " القنب الهندي" ثم تجفف في الظل وتصحن في شكل بودرة غير ناعمة تتكون من الزهر والأوراق الصغيرة والفروع الرقيقة والبذور والمادة المخدرة في الماريوانا أو "البانجو" تساوي حوالي 2% من الوزن الكلي .

أما الحشيش فهو عبارة عن مادة سمراء اللون تفرز من خلال سيقان وفروع نبات "القنب الهندي" وتبقي هذه المادة على شكل كتل صغيرة معلقة بالسيقان والفروع تجمع بعدة طرق وتضغط في شكل قوالب سمراء اللون أو بنية تسمى الحشيش ، والمادة الحية في هذه الطريقة تعادل 10% من وزن الحشيش وهي تزيد عن خمس مرات من المادة الحية لنفس الوزن الذي يعادله من البانجو .

ويطلق على " البانجو" في الولايات المتحدة اسم " الماريوانا" وهو مستخرج من شجرة "القنب الهندي" وهي من نفس قصيلة الشجرة التي يستخرج منها الحشيش الكيف0والمادة الفعالة " سواء في الحشيش أو البانجو) تعتبر عقارا ذا سمات فريدة ، حيث يصعب تصنيفها بدقة من الناحية الفارماكولوجية وذلك نظرا لتنوع تأثيراتها ، فهي تحت الظروف المختلفة يمكن أن تكون منبهة أو مسكنة أو مهلوسة ، وهذه المادة تسمى " تتراهيدر وكانابينول" ( THC) وتختلف فعالية العقار تبعا للنبات الذي أخذ منه ، وتلعب العوامل الوراثية دورا هاما هنا 0 والحشيش القوي عموما ينمي من البذور والتي تحتوى هي ذاتها على تركيزات عالية من التتراهيدر وكانا بينول ، ويزرع النبات من البذور المناسبة في معظم الأحوال المناخية 0 ويحضر من النبات أشكال مختلفة بأسماء مختلفة مثل الماريوانا والحشيش

العقاقير الصيدلانية

يبدو أن البانجو وحده- رغم انتشاره ورخص ثمنه – لم يكن كافيا لملأ الفراغ الذي تركه الهيروين لذلك انتشر تعاطي الكثير من العقاقير الصيدلانية في فترة التسعينات وبهذا تفاقمت مشكلة الإدمان بواسطة الأدوية التي تصرف من الصيدليات بوصفة طبية أو بدونها 0

وقد تبنت منظمة الصحة العالمية (قسم شرق البحر الأبيض المتوسط) دراسة ميدانية عام 1996 طبقت في الإسكندرية لتقييم نمط صرف الأدوية من الصيدليات أما بوصفة طبية أو بتوصية من الصيدلي أو بتحديد دواء معين بواسطة العميل ذاته وقد تم من خلال الدراسة فحص عملية صرف الدواء في 25 صيدلية في أماكن مختلفة بمدينة الإسكندرية حيث تمت زيارة لكل صيدلية مرتين وفي كل مرة كانت مدة الزيارة عبارة عن ساعتين ولذلك لجمع المعلومات عن الأدوية المنصرفة وقد أفادت النتائج أن 1174 منتجا دوائيا قد تم صرفهم خلال الدراسة وأن 28% فقط من هذه الأدوية كانت عن طريق وصفة طبية في حين أن 72% قد صرفت بدون وصفة طبية (17%) منها كانت بنصيحة من الصيدلي)

وشمل هذا البحث كل أنواع الأدوية ووجد أن 45 دواءا كان عبارة عن مركب يتضمن 5 مكونات فأكثر منها مضادات الحساسية والزانثينات والافيدرين والمسكنات وطاردات البلغم والستيرويدات وموسعات الشعب 0 وكانت هناك 10 مستحضرات تحتوى على الفينوباربيتون 0 ومن الملاحظ أن اساءة استخدام هذه الأدوية شائع بين المدمنين فهم يتناولون مركبات الكحة التي تحتوي على الكودايين من بين مكوناتها الأخرى 0 كما يشيع أيضا سوء استخدام الادوية المؤثرة على الجهاز العصبي المركزي مثل المهدئات والمنومات ومركبات البنزوديازيبين ومضادات الاكتئاب والمطمئنات .

وقد شاع بشكل خاص استخدام حقن النوبين وهي من المستحضرات التخليقية التي تؤثر على مشتقبلات الأفيون ، وكانت تأتي مهربة من ليبيا عن طريق الصحراء الشرقية بكميات كانت تغمر السوق المصري 0 ومن أكثر الأدوية المستخدمة الكودافين والترونكولاز والتوسيفان والتوسيلار والباراكوديين (البارا) والسومادريلو الكوميتال والروهيبنول (صليبه) والريفوتريل (ريفو – صليبه) والأبتريل والأموتريل والباركينول والايفانول والريبانول والفاليوم وغير ذلك.

يرجع قبول المدمنين للأدوية ذات الشكل الصيدلاني إلى سببين هما :

أولاً- أن المدمن يعتقد ( أو يبرر لنفسه) أن هذه أدوية طبية مصرح بها من السلطات الصحية وهي محضره بواسطة الأطباء لكثير من المرضى، أذن فهي ليست مخدرات بالمعنى التقليدي0

ثانياً- أنه يشتريها من الصيدلي وليس من تاجر المخدرات وهذا يجعله أقل عرضه (على نظره) للمشكلات القانونية الناجمة عن التعامل مع تجار المخدرات التقليديين ، وعلى الرغم من محاولات السيطرة على التجارة غير المشروعة للأدوية الصيدلانية عن طريق بعض الصيادلة إلا أن هذه المحاولات لم تفلح في ضبط صرف الأدوية إضافة إلى رفض الصيادلة للضوابط التي حاولت النقابة وضعها على عمليات استيراد الدواء وتوزيعه ، وقد رضخت النقابة في النهاية لضغوط الصيادلة ، وربما حفاظا على أصواتهم الانتخابية 00 وهكذا استمر ضخ الأدوية المؤثرة على الجهاز العصبي في المجتمع المصري ، وتحول بعض الصيادلة إلى تجار مخدرات وتحولت بعض الصيدليات إلى ما يشبه الأوكار ، وساهم في ذلك ضعف الرقابة وضعف العقوبات، وقد سمح تنوع الأدوية الصيدلانية ورخص ثمنها النسبي بدخول عدد هائل من الشباب من مختلف الأعمار والمستويات الاجتماعية في عالم الإدمان ، ولا توجد حتى الآن إحصاءات دقيقة تبين حجم هذه المشكلة في مصر0

الأضرار الجسمية للمخدرات :

يؤدي تعاطي المخدرات للإصابة بالأمراض الخطيرة والتي يصعب علاجها والأمراض التي يمكن أن تصيب متعاطي المخدرات هي :

فقدان الشهية للطعام مما يؤدي إلى النحافة والهزال، والضعف العام المصحوب باصفرار الوجه أو اسوداده لدى المتعاطي، كما تسبب قلة النشاط والحيوية وضعف المقاومة للمرض الذي يؤدي إلى دوار وصداع مزمن مصحوباً باحمرار في العينين، ويحدث اختلال في التوازن والتآزر العصبي في الأذنين وإتلاف الكبد وتلييفه، حيث يحلل المخدر (الأفيون مثلاً) خلايا الكبد ، ويحدث بها تليفاً ، وزيادة في نسبة السكر ، مما يسبب التهاب وتضخم في الكبد وتوقف عمله بسبب السموم التي تعجز الكبد عن تخليص الجسم منها. يسبب تعاطي المخدرات اضطراباً في الجهاز الهضمي والذي ينتج عنه سوء الهضم وكثرة الغازات والشعور بالانتفاخ ، والامتلاء والتخمة ، والتي عادة ما تنتهي إلى حالات من الإسهال أو الإمساك خاصة عند تناول مخدر الأفيون ، كذلك يسبب التعاطي التهاب المعدة المزمن حيث تعجز عن القيام بوظيفتها في هضم الطعام .كما يسبب التهاباً في غدة البنكرياس التي تفرز هرمون الأنسولين،والذي يقوم بتنظيم مستوى السكر في الدم. يُحدث تعاطي المخدرات تهيج موضعي للأغشية المخاطية في الجيب الأنفية، والشعب الهوائية وذلك نتيجة تكوّن مواد كربونية تترسب في تلك الشعب،و ينتج عنها التهابات رئوية مزمنة ، قد تصل إلى الإصابة بالدرن الرئوي، والسرطان وتوقف التنفس الفجائي .

و التهاب المخ وتحطيم وتآكل ملايين الخلايا العصبية التي تكوّنه ، مما يؤدي إلى فقدان الذاكرة ، ويوجد الهلاوس السمعية والبصرية والشمية والذوقية.

6- يسبب إدمان المخدرات اضطرابات في عمل القلب ، والأوعية الدموية، مرض القلب الحولي ، والذبحة الصدرية ، وارتفاع ضغط الدم ، وانفجار الشرايين ، و فقر الدم الشديد وتكسر كرات الدم الحمراء ، وتسمم نخاع العظام الذي يصنع تلك الكرات. التأثير على النشاط الجنسي ، حيث تنقص المخدرات إفرازات الغدد الجنسية، مما يقلل من القدرة الجنسية.

التورم المنتشر وسيلان الدم وارتفاع الضغط الدموي في الشريان الكبدي. الإصابة بنوبات صرعية بسبب التوقف عن استخدام المخدرات دون علاج وذلك لاعتماد الجسم عليها .

يسبب تعاطي المخدرات للحوامل المدمنات مشاكل صحية مثل اضطراب الدورة الشهرية وفقر الدم ، ومرض القلب ، والسكري ، والتهاب الرئتين ، والكبد والإجهاض العفوي ، ووضع مقلوب للجنين الذي يولد ناقص النمو ، هذا إذا لم يمت في رحم الأم ، ويمكن أن تحدث تشوهات لدى الأطفال حديثي الولادة .

يسبب إدمان المخدرات الإصابة بأشد الأمراض خطورة مثل السرطان ، ويمكن أيضا أن تنتقل الإصابة بفيروس الإيدز( مرض نقص المناعة) بسبب الأدوات المستخدمة في الحقن والتعاطي. كما يسبب الإدمان تضخما في الغدد اللمفاوية بسبب اضطراب الجهاز المناعي ومما سبق نوجز الأضرار الجسمية الناجمة عن المخدرات في الآتي:

1- مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيذر) .

2- مرض التهاب الكبد بأنواعه المختلفة .

3- الإصابة بقرحة المعدة وقرحة الاثنى عشر .

4- الإصابة بسرطان المعدة والمرئ والمثانة والفم والرئة .

5- الإصابة بالعقم وتشوه الأجنة لدى المدمنات والإجهاض المتكرر .

6- تلف خلايا المخ والإصابة بمرض الصرع .

7- الإصابة بالأمراض التناسلية المختلفة .

8- الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي .

9- الإصابة بأمراض الجهاز الدوري وأمراض القلب الخطيرة .

10- الإصابة بأمراض الجلدية والدمامل .

11- فقدان النظر وضعف النظر وسقوط الشعر .

12- الإصابة بفقر الدم والهزال الجسمي .

13- فقدان القدرة الجنسية والإصابة بالعنة والبرود الجنسي .

14- الإصابة بأمراض الغدد وتعطل بعضها .

15- تؤدي لأمراض الكلى .

16- تؤدي للإصابة بأمراض العظام بمختلف أنواعها .

17- ارتفاع الضغط وانخفاضه في أحيان كثيرة .

18- الموت المفاجئ .

الأضرار النفسية والاجتماعية للمخدرات :

يتعرض متعاطي المخدرات للكثير من الأضرار النفسية والاجتماعية والتي تجعله فرداً مهمشاً لا دور له في هذه الحياة والأضرار كما يحدث تعاطي المخدرات اضطراباً في الإدراك الحسي العام وخاصة إذا ما تعلق الأمر بحواس السمع والبصر حيث يُحدِث تحريفاً عام في المدركات، هذا بالإضافة إلى خلل في إدراك الزمن بالاتجاه نحو البطء واختلال إدراك المسافات بالاتجاه نحو الطول ، واختلال إدراك الحجم بالاتجاه نحو التضخم .

يؤدي تعاطي المخدرات إلى اختلال في التفكير العام ، وصعوبة وبطء فيه . ويؤدي ذلك إلى فساد في الحكم على الأمور والأشياء ويصاحب ذلك تصرفات غريبة ، إضافة إلى الهذيان والهلوسة وعدم التركيز وربما أدى الأمر إلى فقدان الذاكرة .

تؤدي المخدرات إلى نتائج نفسية مثل القلق والخوف والتوتر المستمر، والشعور بعدم الاستقرار ، والشعور بالانقباض ، مع عصبية وحِدّة في المزاج ، وإهمال المظهر وعدم القدرة على العمل أو الاستمرار فيه .

تحدث المخدرات اختلالاً في الاتزان ، والذي يُحدث بدوره بعض التشنجات ، والصعوبات في النطق ، والتعبير عما يدور في ذهن المتعاطي ، بالإضافة إلى التثاقل والصعوبة المشي .

يحدث تعاطي المخدرات اضطراباً في الوجدان ، حيث ينقلب المتعاطي عن حالة المرح والنشوة والشعور بالرضا والراحة والسعادة إلى الندم والفتور والإرهاق والخمول والاكتئاب و ضعف المستوى الذهني ويعيش واقعا مؤلماً تتشوش فيه الأفكار ويختل السلوك.

تتسبب المخدرات في حدوث العصبية الشديدة والحساسية الزائدة ، والتوتر الانفعالي الدائم والذي ينتج عنه بالضرورة ضعف القدرة على التكيف، والتوافق الاجتماعي .

تسبب المخدرات اضطرابات انفعالية ، ومن ذلك ما يلي :

أ ) الاكتئاب : حيث ينتاب المتعاطي أفكار غير عقلانية ومشاعر سوداوية مؤلمة تتسبب في التردد في اتخاذ القرارات. هذا ويتسم الشخص المكتئب بانخفاض تقدير الذات، ويبالغ في الأمور التافهة ويجعلها ضخمة ومهمة ، وقد يقوده هذا الشعور إلى الانتحار .

ب ) القلق : حيث يشعر المتعاطي في هذه الحالة بالخوف والتوتر ، وانه مراقب أو مضطهد من الآخرين مما ينعكس سلباً على علاقته معهم .

ج ) التذبذب الانفعالي حيث يحدث عدم توازن في العاطفة ، فترى الشخص المصاب( نتيجة للتعاطي ) يضحك ويبكي دون سبب مثير لهذا البكاء أو الضحك .

د ) اختلال الأنا : حيث يشعر المتعاطي بذات مختلفة ، وأنه شخص متغير تماماً ، وأنه ليس هو ، وذلك بالرغم من أنه يعرف ذاته.

هـ) جمود أو تبلد الانفعال : حيث إن الشخص المتعاطي في هذه الحالة لا يستجيب ولا يستثار بأي حدث ، مهما كان ذلك المثير ساراً ، أو غير سار.

الأضرار الاجتماعية:

فتتمثل في تهديد المخدرات لمنظومة القيم الاجتماعية مما يؤثر بالتالي على العلاقات الاجتماعية مما قد يؤدي إلى التفكك الأسري ، وانحسار القيم .كما تختل الأدوار الأسرية والوظيفية ، وينشا عدم الاستقرار الوظيفي للمتعاطي حيث تقل قدرته وربما تنعدم في قيامه بالتزامات الأسرة والوظيفة (في عمله) وربما بالتزاماته الشخصية ، مما ينتج عن ذلك انحسار الإنتاج الوظيفي وكذا الواجبات الوظيفية والأسرية ومن ثم الفصل من الوظيفة والاتجاه نحو البطالة وما تجر إليه من الانتكاسات والشطط. وكما هو معروف أن المجتمع مكون من أفراد فإذا انحرف الفرد تأثر المجتمع ، وكلما زاد عدد مدمني المخدرات زاد معدل ارتفاع الجريمة في المجتمع وزاد ما تنفقه الدولة على المكافحة ، وزاد أيضا ما ينفقه متعاط هذه السموم من الأموال ثمنا لهذه المخدرات ن مما يؤدي إلى خسارة مالية عامة وفادحة .

ومما يظهر شناعة هذا الأمر أن ما نسبته قرابة 50% من حوادث القتل تكون بسبب المخدرات والكحول، كما أن ثُلْث حوادث الانتحار ومحاولاته، تكون بين المدمنين ومما سبق نوجز بعض الأضرار النفسية والاجتماعية من نتاج المخدرات.

1- انتشار الجريمة والانحراف والجنوح .

2- الإصابة بالأمراض العقلية ( الفصام ، الهوس ، الاكتئاب العقلي ) .

3- الإصابة بالأمراض النفسية ( القلق ، الوسواس ، الاكتئاب النفسي ، الرهاب ) .

4- تؤدي المخدرات لهدم كيان الأسرة ونشر الأنانية والعدوانية بين أفرادها .

5- إهمال الهوايات والأنشطة والاهتمامات المختلفة .

6- انتشار الخصومات والمشاجرات والنزاعات داخل الأسرة وخارجها .

7- ضعف القدرة على التكيف والتوافق النفسي والاجتماعي مع الآخرين .

8- تؤدي للإصابة بالشذوذ الجنسي الفردي والجماعي .

9- ممارسة البغاء وممارسة الدعارة وارتكاب الفاحشة مع المحارم .

10- اضطراب الذاكرة وضعف التركيز والانتباه والنسيان .

11- الاستهتار بالقيم والمثل والعادات والتقاليد .

12- تؤدي للكذب والسرقة والتزوير والانتحار والرشوة والسلوك الخاطئ .

13- الفزع والخوف والشك والتدهور وتغير عام في الشخصية .

14- نشاط السلوك العدواني ضد النفس والآخرين وضد منشآت المجتمع .

15- تؤدي المخدرات للرغبة في الموت والتفكير المستمر في الانتحار .

16- الهروب من المنزل والتشرد والتسول .

17- تؤدي المخدرات لنقص الطموح والتبلد واللامبالاة وهبوط الروح المعنوية .

الأضرار الشخصية :

1- المخدرات تؤدي إلى نتائج سيئة على الفرد سواء في إرادته أو في عمله أو وضعه الاجتماعي وثقة الناس به. كما أنها تجعل من الشخص المتعاطي إنساناً كسولاً ذا تفكير سطحي يهمل أداء واجباته، وينفعل بسرعة لأتفه الأسباب. وذا مزاج متقلب في تعامله مع الناس ، كما أن تعاطي المخدرات يدفع الفرد إلى عدم القيام بمهنته، بل والافتقار إلى الكفاية والحماس والإرادة لتحقيق واجباته مما يدفع المسؤولين عنه إلى طرده من عمله أو تغريمه غرامات مادية تتسبب في اختلال دخله ، كما تؤثر على مسيرة الطالب التعليمية وتقوده إلى الرسوب والفشل الدراسي حتى وإن كان من المتفوقين أو الأذكياء .

2- عندما يتلهف متعاطي المخدرات على تعاطي مخدر ما ولا يتوفر له دخل ليحصل به على الجرعة الاعتيادية - وذلك إثر إلحاح المخدرات- فإنه يلجأ إلى الاستدانة، وربما إلى أعمال منحرفة، وغير مشروعة ، مثل قبول الرشوة ، والاختلاس والسرقة والبغاء وغيرها. وهو بهذه الحالة قد يبيع نفسه وأسرته وبيته ، لأن المخدرات تصبح عنده هي عمله وأمله ومسؤولياته ، وهي كل شيء في حياته ، فيهون عنده كل شيء من أمانة أو حرام أو حتى شرف وعرض .

3- يحدث تعاطي المخدرات مؤثرات شديدة وحساسية زائدة لدى الفرد مما يفقده توازنه ويخل بتفكيره ، ويؤدي ذلك إلى إساءة علاقاته بكل من يعرفهم. فتفسُد العلاقة الزوجية والأسرية والاجتماعية ، مما يدفع إلى تزايد احتمالات وقوع الطلاق ، وانحراف الأطفال ، وتزيد أعداد الأحداث المشردين ، وتسوء العلاقة بين المدمن و جيرانه على وجه الخصوص ، فتحدث الخلافات والمشاجرات التي قد يدفع ثمنها باهظاً. كذلك تسوء علاقة المتعاطي بزملائه ورؤسائه في العمل ، مما يؤدي إلى احتمال طرده من عمله أو تغريمه غرامة مادية ومعنوية تخفض مستوى دخله وتدفعه إلى المزيد من الانحراف وسوء التكيف وعدم التوافق ،الأمر الذي ربما يؤدي به في النهاية إلى الخلاص من واقعه المؤلم بالانتحار ، إذ أن هناك علاقة وطيدة بين تعاطي المخدرات والانتحار خاصة عند تعاطي الجرعات الزائدة .

4- يؤدي تعاطي المخدرات إلى فساد الأخلاق ، و قبيح السلوك، فكثير من الفواحش والخيانة الزوجية وحتى حوادث السيارات تعتبر من الأسباب الرئيسة لتعاطي المخدرات.

تأثير المخدرات على الأسرة :

الأسرة : هي الخلية الرئيسة في المجتمع ،فإذا صلحت صلح حال ذلك المجتمع ، وإذا فسدت تصدعت أركانه ثم انهار بنيانه ، لأنها أهم عامل يؤثر في التكوين النفسي للفرد ، ووجود أي خلل في نظام الأسرة من شأنه أن يَحُول دون قيامها بالتنشئة السوية لأبنائها .

إن تعاطي المخدرات يصيب الحياة الأسرية بأضرار بالغة من وجوه كثيرة أهمها ما يلي :

1- ولادة الأم مدمنةُ المخدرات أطفالاً مشوَّهين.

2- يقل دخل الأسرة الفعلي مع زيادة الإنفاق على تعاطي المخدرات مما يؤثر على أوجه الإنفاق الأخرى، ويصاحب ذلك انخفاضُ المستوى الصحي والغذائي والاجتماعي والتعليمي لدى أفراد تلك الأسرة وبالتالي فإن هذه المظاهر قد تؤدي إلى انحراف بعض أفراد الأسرة لغياب القدوة الممثلة في الأب والأم ، ولتوافر إلحاح الحاجة التي تدفع الأطفال إلى أدنى الأعمال لتوفير الاحتياجات المتزايدة في غياب العائل.

3- يسود جو الأسرة العام توتر وشقاق ، وخلافات مستمرة بين أفرادها،وقد يؤدي ذلك إلى تأخر الأبناء دراسيا . ويصبحون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض النفسية كالقلق و الاكتئاب والخوف الاجتماعي ويكونون أكثر عرضة للتشرد والانحراف .

4- وقوع أحد أفراد الأسرة في التعاطي تقليداً وحب فضول وعدم دراية بعواقب الأمور نتيجة لمشاهدته المتعاطي الذي يقوم بعادات غير مقبولة لدى الأسرة حيث يتجمع عدد من المتعاطين في منزله وربما يستمرون إلى اليوم التالي على هيئة مريبة ، وقدوة سيئة ، ،إضافة إلى ما يعتري أفراد الأسرة من مشاعر الخوف والقلق خشية أذى المتعاطين أنفسهم لأنهم يفقدون وعيهم وأخلاقهم ، ويفقدون ضبط انفعالاتهم . وكذا خشية أن تتم مداهمة المنزل من قبل الجهات المسؤولة ، بغرض ضبط المخدرات والمتعاطين.

الأضرار الاقتصادية والسياسية للمخدرات :

يتعرض المجتمع جراء انتشار المخدرات للكثير من الأضرار التي تؤثر على مسيرته وتعطل قدراته ويتخلف اقتصادياً وسياسياً وتربوياً وثقافياً بسبب هذه الآفة الخطيرة ومن أهم هذه الأضرار ما يلي :-

1. تؤدي المخدرات لخسارة المجتمع الملايين من الأموال في سبيل إنشاء أجهزة مكافحة المخدرات والأجهزة والمؤسسات ذات العلاقة بالموضوع .

2. تؤدي المخدرات لإنفاق المجتمع الكثير من الأموال في سبيل إنشاء المصحات والمراكز والمستشفيات الخاصة بعلاج المدمنين وتوفير الأدوية والمعدات والكوادر المهنية الخاصة بهذه المراكز .

3. تؤدي المخدرات لإهدار الكثير من الأموال التي ترسل للخارج لغرض جلب المخدرات وما ينتج من ضحايا وإعاقات نتيجة بعض الحوادث عند مكافحتها .

4. تؤدي المخدرات لانخفاض المردود الإنتاجي والاقتصادي للمجتمع باعتبار أن أغلب المتعاطين هم الشباب المنتج .

5. تؤدي المخدرات لانخفاض مردود الأسرة المادي للأسر التي بها متعاطين .

6. تؤدي المخدرات لاستلاب المجتمع ونشر الأفكار والمعتقدات الغربية ونشر الثقافة الفرعية المريضة بين أفراده .

7. تؤدي لفقدان المجتمع للقيمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بسبب انتشار الجريمة والفساد جراء انتشار المخدرات .

8. زيادة حالات الوفاة بين المتعاطين وإنجاب أطفال معاقين والتعرض للأمراض الخطيرة التي تصيب المتعاطين من شأنه أن يؤثر على اقتصاد المجتمع .

9. فقدان الرغبة في العمل وضعف المساهمة في الإنتاج وموت الإبداع .

العـــلاج :

تتنوع طرق العلاج تبعاً للعقار المؤدي إلى حالة الإدمان ، وسنعرض في العلاج بشكل عام دون ربطها بعقار معين .

هناك ثلاث مراحل حددتها منظمة الصحة العالمية : أ - المرحلة الأولى " المبكرة ":

ويتطلب ذلك الرغبة الصادقة من جانب المدمن نظراً لدخوله في مراحل كفاح صعبة وشديدة وصراعات قاسية وأليمة بين احتياجاته الشديدة للمخدر وبين عزمه الأكيد على عدم التعاطي والاستعداد لقبول المساعدة من الفريق المعالج وبالذات الأخصائي النفسي وقد تستمر هذه المرحلة فيما بعد أياماً وأسابيع.

ب - المرحلة الثانية " المتوسطة " : بعد تخليص المدمن من التسمم الناجم عن التعاطي وبعد أن يشعر أنه في حالة طبية بعدها تظهر مشكلات المرحلة المتوسطة من نوم لفترات طويلة وفقدان للوزن وارتفاع فــي ضغط الدم وزيادة في دقات القلب تستمر هذه الأعراض عادة بين ستة أشهر إلى سنة على الأقل لتعود أجهزة الجسم إلى مستوياتها العادية . ج - المرحلة الثالثة " الاستقرار ":

وهنا يصبح الشخص المعالج في غير حاجة إلى الخدمات أو المساعدة بل يجب مساعدته هنا في تأهيل نفسه وتذليل ما يعترضه من صعوبات وعقبات والوقوف بجواره ويجب هنا أن يلاحظ أن هذه المرحلة العلاجية يجب أن تشتمل على تأهيل المدمن نفسياً وذلك بتثبيت الثقة بنفسه وفحص قدراته وتوظيف مهاراته النفسية ورفع مستواها وتأهيله لاستخدامها في العمل الذي يتناسب معها وتأهيله اجتماعياً وذلك بتشجيع القيم والاتجاهات الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين واستغلال وقت الفراغ بما يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة .

هذا ومن تصنيفات طرق العلاج من الإدمان أيضاً ما يلي:

أولاً : العلاج العضوي :

يستخدم فيه الإنعاش إذا كان المدمن في حالة غيبوبة ، وفي منع أعراض الامتناع عن تناول العقار ، وعلاج المضاعفات النفسية والعقلية والجسمية كما تقدم الأدوية المنفرة في علاج بعض حالات الإدمان الكحولي .

ثانياً : العلاج النفسي :

يتنوع العلاج النفسي تبعاً لتقدير المعالج للعوامل الكامنة وراء الحالة من هذه الأنواع :

1- العلاج المتمركز حول العميل :

تعليم المدمن الأساليب الصحيحة لمواجهة مشاكله .

تصحيح فكرته عن نفسه .

تعليمه مواجهة الواقع وتحمل مسؤوليات الفشل ووسائل السلوك البديلة غير العقاقير المهدئة أو المنعشة أو الكحولية .

2- العلاج الجماعي :

تعليم المدمن أنماط السلوك الاجتماعي وأساليب التعامل مع الآخرين .

تزويده بالمساندة وتعليمه مواجهة نفسه ومواجهة الغير .

تصحيح مفاهيمه الخاطئة عن الإدمان .

تعليمه اتخاذ القرار من خلال المشاركة الجماعية وهو في حالة من الوعي .

3- العلاج الزواجي :

ويتوجه هذا النوع من العلاج إلى زوجات المدمنين ، وذلك أن شخصية الزوجة وعدم تماسك الحياة الزوجية من الأسباب التي تدفع الزوج للإدمان ، وهذا النوع من العلاج يهدف إلى معاونة المدمن على الشفاء بإعادة تنقية جو العلاقة الزوجية التي ستعود إليه بعد خروجه من المستشفى .

4- العلاج الأسري :

ويهدف إلى تدريب الأسرة على وسائل الاتصال الصحية والسليمة وإدراك الدوافع التي أدت إلى حالة الإدمان .

ثالثاً : العلاج الديني :

ويهدف هذا النوع من العلاج إلى إعادة تربية المدمن وبناء شخصيته على أساس إيمانه المطلق بالعقيدة الدينية ، ومن ثم الاعتراف بينه وبين نفسه أنه ارتكب خطيئة بإمكانه أن يكفر عنها وإن باب التوبة مفتوح على مصراعيه يبدأ بأداء الواجبات الدينية وعلى رأسها الصلاة والصوم ويحضر جلسات إرشادية جماعية تبين فيها آراء الدين بشأن المخدرات والكحول ، ويبين فيها المنهج الديني وكيف عالج انتشار الكحول الذي كان سائداً في العصر الجاهلي ، ثم يشجع المدمن على المشاركة في الأعمال الخيرية ، والألعاب الجماعية الحرة ... الخ .

وبالإضافة إلى ما سبق نورد ما يلي لعلاج الإدمان,,, العمل على تخصيص عيادات حكومية لعلاج الإدمان تعمل في فترة بعد الظهر وهو الوقت الملائم لتردد المدنين على هذه العيادات، وكذا تدريب العاملين في مجال الإدمان addiction في مراكز حكومية وأهلية على برامج موحدة للعلاج حتى يمكن العمل بروح الفريق وبلغة واحدة بدون طفرات، ويضاف إلى ذلك ضرورة تدعيم الجمعيات الأهلية ورصد الاعتمادات اللازمة لزيادة وحدات هذه الجمعيات في أماكن متعددة وخاصة الريف والمناطق العشوائية وهو الموطن الرئيسي لبدء داء الإدمان.

وأخيراً نود أن نؤكد أن حالات الإدمان تحتاج إلى أكثر من نوع واحد من العلاج لذا لابد من تكوين فريق عمل يشمل الطبيب النفسي والأخصائي الاجتماعي والمعالج الديني ليتعاونوا في علاج هذه الظاهرة وعليه فهناك العديد من أساليب الوقاية والعلاج نوجزها فيما يلي:

أ- الأساليب التربوية المدرسية:

تعميق التعاون والتكامل بين المدرسة والمؤسسات التربوية الأخرى والإعلامية في المجتمع، لإعداد برامج تربوية ذات صبغة إعلامية، تتناول ظاهرة المخدرات وقايةً وعلاجا ً.

حسن اختيار القيادات التربوية والمعلمين والمرشدين ورواد النشاط( في التعليم العام بنين وبنات) لإيجاد منظومة قوية من القيم والسلوك والاتجاهات والأفكار الإيجابية لمواجهة خطر المخدرات.

إعداد برامج إرشادية طوال العام الدراسي من قِبل الإدارات المعنية في تعليم البنين والبنات للوقاية والتخطيط لذلك وفق برامج تربوية مدروسة.وتعميق العلاقة بين البيت والمدرسة والجهات ذات العلاقة، والتفاهم التام والمستمر حول طبيعة التعامل التكاملي مع الطلاب انطلاقا من فهم المتغيرات التي تمليها طبيعة كل مرحلة.

تدريب المرشدين المدرسيين التدريب الكفيل بالتعامل العلمي الصحيح مع سلوك ومشكلات المراحل الدراسية للتعامل مع ظاهرة المخدرات في الجانب الوقائي المدروس، ومع اكتشاف حالات التعاطي وفق دراية تامة بأعراضها واضطراب السلوك المصاحب لها ،ومن ثم تحويلها إلى الجهة المختصة وفق سرية تامة بعد إجراء اللازم إرشاديا حيالها .

تشكل لجنة دائمة على مستوى المدرسة تنفذ برنامج المكافحة والتوعية طوال العام الدراسي بتضافر جهود لجنة التوجيه والإرشاد للتركيز على رعاية سلوك الطلاب والتعريف بالمخدرات وأحكامها الشرعية وعقوبتها وآثارها المدمرة، تصحيح الأفكار حولها، والتحذير من أخطار الوقوع فيها ، مع أهمية توعية الآباء بهذه الأمور للوقاية اللازمة .

إقامة معارض توعوية طوال العام عن أضرار المخدرات بمشاركة إدارة مكافحة المخدرات ومستشفى الأمل وإدارة الجمارك وتعليم البنات ورعاية الشباب والمؤسسات الأخرى، وطباعة الكتيبات والنشرات الخاصة بالتوعية.وتكثيفها بمختلف الوسائل.مع إقامة الندوات والمحاضرات في المدارس والأندية والجامعات.

مشاركة الطلاب في إجراء البحوث والمقالات واللوحات والرسومات عن أضرار المخدرات.

توظيف المناسبات المدرسية والأنشطة، والإمكانيات المناحة لتوعية أولياء الأمور بالطرق التربوية للتعامل مع الأبناء ولإشغال وقت فراغهم، ولوقايتهم وتنشئتهم التنشئة السليمة.

عدم استخدام القسوة أو التأنيب مع المتعاطي لأن ذلك الأسلوب لا طائل من ورائه ، بل تقبله كإنسان متورط ويحتاج إلى إنقاذ سريع بإحالته إلى المستشفى المعني . وفي طي السرية التامة .

تحويل متعاطي المخدرات( الذي تم اكتشاف حالته) إلى مستشفى الأمل بالطريقة المناسبة ، واستشارة قسم التوجيه والإرشاد في كيفية التعامل مع ذلك المتعاطي .

إعداد أوراق العمل والبحوث من خلال مقرر المكتبة والبحث في المرحلة الثانوية .

التركيز على مشكلات الهروب المتكرر من المدرسة والغياب والتأخر الدراسي، والأفكار غير العقلانية، وضرورة تعميق الإرشاد الأسري ودراسة الاهتزازات الأسرية، والتصدعات الطارئة في العلاقات الأسرية ووضع الحلول الناجعة لذلك قدر المستطاع، كي لا ينتج عن تلك الاضطرابات شخصيات طلابية قابلة للانحراف .

استخدام الإرشاد الجمعي بسرية تامة للحالات التي تُكتشف .

توظيف الإرشاد السلوكي ( التنفير) لمحاولة كسر عادة التعاطي، وتمثل النهج القرآني المتدرج في علاج الخمور والمفترات.

توفير القدوة الحسنة في المدرسة وفي جميع الأماكن التربوية.

تفعيل العلاج المعرفي الانفعالي بدحض الأفكار الخاطئة المتعلقة بالمخدرات واستبدالها منطقياً.

تطوير مركز الحي وتوفير الإمكانيات له حتى يؤدي الهدف الذي أنشئ من أجله ويقوى من خلاله الرباط بين المدرسة والمنزل.

حث أولياء الأمور على تجنب المشكلات العائلية التي تؤدي إلى تهديد الأمن النفسي للمنزل وتفكك الأسرة وتوتر أفرادها.

غرس المواطنة والقيم الصالحة في نفوس الطلاب ليشاركوا في التنمية بإيجابية.

احترام المراهقين ( الأولاد والبنات) ومناقشتهم وتقدير حساسيتهم النفسية، وذلك بالابتعاد عن التجريح والانتقاد وإظهار العيوب وذلك بإعطاء الفرص لكل مراهق أن يمارس جهداً ذاتياً يشعره بقيمته النفسية في نظر الآخرين في جو ملائم يتيح فرصة للاستقلالية والتعبير عن الذات، والتخلص من تبعات الصراع النفسي للمراهقين، مع ضرورة معاملتهم معاملة الراشدين في المراهقة المتأخرة، لحاجتهم الماسة لذلك ، وعدم وضعهم في مواقف متعارضة (كأن يسمح لهم الوالدان بحرية الحركة ثم يحاسبونهم على الخروج من المنزل). مع ضرورة الابتعاد عن وصفهم بأوصاف سلبية معينة ، والابتعاد كذلك بالحديث عن صفاتهم وسماتهم عندما كانوا صغارا لأن ذلك يؤذيهم أشد الأذى .

ب- الأساليب الأسرية:

التربية السليمة لكل المراحل العمرية وفق الكتاب والسنة والأساليب العلمية الصحيحة. مع ضرورة وجود القدوة الصالحة، قولا وعملا.

تعميق دور الأسرة في تأصيل القيم والمعتقدات والعادات السوية في المجتمع، مع ضرورة انتهاج الوسطية في التربية القائمة على الحوار والتقدير منذ الصغر، فلا قسوة ولا دلال ، مع ضرورة عدم التذبذب في التعامل ، أو التناقض في الأسلوب التربوي بين الوالدين .

التعرف على رفقاء المراهق وتوجيهه إلى الرفقة الصالحة وإلى قضاء وقت الفراغ والتنزه. مع تبصيره وتزويده بمعلومات عن خطورة المخدرات وأنواعها وخطورة رفقاء السوء في التوريط في ذلك، مع توضيح العلامات الدالة على التعاطي .

ملاحظة سلوك المراهق وأوقات نومه ويقظته ، وهل تسير وفق النمط الطبيعي أم أن هناك طارئاً غير معهود على نومه أو علاقاته أو صحته أو هندامه ..الخ.

تقنين العطاء الأسري المادي بقدر الحاجة ، ومعرفة أين تُصرف الأموال المعطاة للطفل والمراهق ، مع تغليف ذلك بإظهار الحب والاحترام والاهتمام لألاّ يفسر ذلك بالعقاب .مع ضرورة إعطائهم الحق في التعبير عن آرائهم ضمن الحوار الإيجابي الأسري .

عدم استخدام العنف مع من يظهر عليه التعاطي، بل يجب تقبله كعضو في الأسرة ، مع ضرورة التركيز على حل المشكلة نفسها في طي السرية .

عدم التستر على المدمن . بل توصيله إلى مستشفى الأمل للعلاج ، فالإدمان كأي مرض يمكن علاجه والسيطرة عليه والتعافي منه وفق برنامج علاجي منظم . وإذا لم يوافق المتعاطي أو المدمن الأسرة على الذهاب إلى المستشفى فيمكن لها التنسيق مع إدارة المكافحة للمساعدة في أخذه إلى المستشفى لتتم المعالجة.

محاولة عدم الخوف من المتعاطي أو المدمن لشخصه فهو إنسان وقع في ورطة ، وقع في مأزق لا يستطيع الخروج منه بمفرده .والأفضل التعامل معه لشخص في أمس الحاجة إلى المساعدة، وقد ثبت أن المدمن الذي يحصل على مساندة أسرية سليمة يكون معدل تعافيه أعلى بكثير من غيره من المدمنين.

مع ضرورة التخلص من الاعتقاد الخاطئ الذي يرى بأن الابن المتعاطي سوف يتعرض للعقاب عند كشف أمره لمستشفى الأمل.

الخاتمــة :

نسأل الله تعالى العلي القدير أن يعلمنا ما ينفعنا ، وأن ينفعنا بما علمنا ويلهمنا رشدنا وأن يسدد خطانا وأن يهدينا سبلنا ويردنا إلى ديننا رداً جميلاً وأن يهدي قومنا وأن يقني شر الظالمين والمهلكين أخوان الشياطين الذين يروجون للمخدرات والمهلكات التي تضر بمجتمعنا وديننا وأخلاقنا ، وأن آخر " دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الخلاصة والتوصيات:

خلاصة القول أن عقد الثمانينات ارتبط بتعاطي الهيروين في حين ارتبط عقد التسعينات بتعاطي البانجو والأدوية الصيدلانية المتعددة والمؤثرة في الجهاز العصبي المركزي 0

وللسيطرة على البانجو يلزم تغليط العقوبة على تهريبه أو زراعته والاتجار فيه وتعاطيه ( كما حدث مع الهيروين وكان له أكبر الأثر في انحساره) وزيادة الوعي بأضراره لدى الأطباء ولدى عامة الناس ، هذا بالإضافة إلى تعمير المناطق الصحراوية في سيناء والتي تعتبر ثغرات ينفذ منها سهم الإدمان إلى جسد الشعب المصري0

أما الأدوية الصيدلانية ذات التأثير على الجهاز العصبي المركزي فان صرفها يحتاج إلى ضوابط كثيرة حيث لا يجب أن تصرف ألا بوصفة طبية خاصة ، ويمنع صرفها على أساس نصيحة من الصيدلي وتشدد العقوبات على التلاعب بصرف هذه الأدوية وتعامل معاملة الاتجار في المخدرات ، مع عمل كمائن دورية خاصة للصيدليات سيئة السمعة

بالإضافة لكل ما سبق يجب النظر إلى مشكلة البطالة التي ترمي الشباب في أحضان الإدمان والتطرف والضياع والاهم من ذلك إعادة تنظيم المجتمع المصري بالشكل الذي ينقيه من الفساد على كل المستويات ويعيد إليه قيمه وأخلاقه وتماسكه بمبادئه السليمة لصالح أمته دينا ودنيا

التوصيات:

يوصي الباحث بأهمية تفعيل دور المؤسسات الدينية والاجتماعية ووسائل الإعلام والآباء في سبيل مكافحة المخدرات بالآتي:

أولا ـ غرس القيم الدينية والاجتماعية لدى الشباب :

إن التمسك بالقيم الدينية وبيان موقف الشريعة الإسلامية من تعاطي المخدرات من أهم الجوانب التي يمكن أن تساعد في تقليص حجم هذه المشكلة، ولا شك أن التربية والرعاية الدينية تلعب دورا مهما في تربية النشء تربية سليمة.

ثانيا التوعية الإعلامية:

في توعية المجتمع بالأضرار الناتجة عن تعاطي المخدرات، ويفرض الرقابة على الأفلام والمسلسلات الهابطة ، وكذلك يتوجب على وسائل الإعلام القيام بإعداد برامج خاصة لتوعية الناس بطرق الوقاية ،مع الأخذ في الاعتبار المستوى التعليمي للمتلقين والخصائص النفسية و الاجتماعية لهم ويكمن دور الأعلام فبما يلي:

1- زيادة معرفة وتفهم المخدرات واستعمال المخدرات وأضرارها.

2- تنشئة مواقف وسلوك سليم فيما يتعلق باستعمال المخدرات.

3- تطوير القدرات الفردية على مواجهة ومقاومة الضغوط.

5- التحدث دائماً عن القيم والأخلاق.

6- التحدث أو ترسيخ القواعد الدينية والأخلاقية التي نهى الإسلام عن المخدرات والخمور.

8- غرس الأساليب الصحية لدى الأبناء.

9- تدريبهم على كيفية اختيار الأصدقاء والابتعاد عن أصدقاء السوء.

10- زيادة معرفة أخطار استعمال المخدرات من خلال التوعية الدينية والإعلامية.

11- محاولة إشغال الشباب في نشاطات مفيدة في أوقات الفراغ.

ثالثا ـ إصدار القوانين الرادعة :

تساهم القوانين والتشريعات ذات العقوبة المشددة في الإقلال من عمليات التهريب والاتجار بالمخدرات وبالتالي الحد من تدفق هذه السموم .

رابعا ـ المناهج الدراسية :

إن للتعليم دوراً في وقاية الشباب من تعاطي المخدرات وذلك بإدخال معلومات تعرف بها وتتعلق بالأضرار الصحية والاجتماعية والاقتصادية لإدمان المخدرات، وإدماج التعليم عن المخدرات في المقررات الدراسية. من خلال إدخال هذه المعلومات في إعداد المواد الدراسية المختلفة مثل مادة العلوم وعلم النفس وعلم الاجتماع والأحياء والكيمياء والتربية الدينية والوطنية.

خامسا - توفير الأماكن الصالحة لاستثمار وقت الفراغ :

يعتبر توجيه طاقات الشباب نحو استثمار أوقات فراغهم أمرا هاما جدا وبذلك بصورة صحية وفق أماكن معدة لذلك مثل النوادي الرياضية التي تستوعب طاقات الشباب من خلال التوجه لممارسة النشاط الرياضي بجوانبه المختلفة الأمر الذي يعطي الشباب دورا في الحياة وهواية قادرة على القضاء على الفراغ،مع التوجيه اللازم .

كما أن لمراكز النشاط خلال العام الدراسي ، والإجازات الصيفية دوراً فعالاً في استثمار أوقات فراغ الطلاب بالطرق المدروسة بما يعود عليهم بالنفع ويحميهم من الانزلاق في طريق الهلاك .

سادساً- إعداد الفرد جسميا وفكريا ونفسيا :

غرس الاعتماد على الذات بدلا من الاعتماد على الآخرين، مع أهمية اكتشاف القدرات والاستعدادات والميول واكتساب خبرات عامة في الحياة.

سابعا - تعميق مبدأ الحوار:

الحوار المفتوح مع المراهقين والشباب، في قضايا العصر التي تمسهم، والاستماع الجيد إلى الأبناء والحديث معهم.

ثامناً- تفعيل الرقابة الاجتماعية:

والضبط الاجتماعي بتكثيف أدوار المؤسسات الاجتماعية وأولها الأسرة في مكافحة المخدرات.

تاسعاً: إيجاد أماكن للترفيه:

من النوادي والحدائق والمسارح والسينيمات وغيرها إشغالا لوقت الفراغ للشباب بما يفيد. عاشراً: الاهتمام بالرياضة المدرسية:
عودة الرياضة للمدارس لتفريغ طاقات الشباب والشبات في المراحل السنية المختلفة وخاصة مرحلة المراهقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كلامي