أصبح من الضروري الآن على الدول النامية والدول المتوسطة تقدماً والأقل من المتوسطة أن تتعامل مع الواقع الفعلي حتى تقترب من الدول المتقدمة، وكبداية أن نحاول الوصول لدول النمور الآسيوية وإذا أردنا تحقيق ذلك فيجب علينا من الآن أن نعمل وفقاً لهذا العصر وهو ما يعرف بعصر العولمة والمعلوماتية، وأن نعي ما هو مجتمع المعرفة؟ ففي ظل العولمة واجتياز الحدود الجغرافية اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً فمن المهم أن يلقى العلم بظلاله حتى نتجنب الهيمنة الملحة إلحاحا شديداً من قبل الدول الكبرى التي ترغب في فرض ثقافتها وسياستها على شعوب العالم الثالث. وانطلاقاً من هنا فمن الضروري أن نرتقي سياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً وبيئياً ولن يتأتى ذلك إلا من خلال نظم التعليم التي يجب أن تساير مجتمع المعرفة...... فكثيراً ما تقرأ بضرورة استخدام التكنولوجيا فكيف نستطيع استخدامها بدون إنتاج المعرفة فيجب التحول من التكرار إلى الابتكار والإبداع من خلال تعليم أطفالنا كيفية القراءة؟ ونستطيع القول بأنه في ضوء الثورة المعلوماتية يتطلب الأمر استخدام قاعدة بيانات ونظم المعلومات لتحقيق أهم الأهداف التربوية الا وهو إعداد جيل منتج للمعرفة. مجتمع المعرفة المجتمع الذي يحسن استعمال المعرفة في جميع مناحي الحياة وفي تجنب المخاطرة في اتخاذ القرارات والوصول لحل المشكلات واتخاذ القرارات الصائبة والرشيدة، وذلك المجتمع يعتمد أساساً على المعارف كثروة أساسية أي خبرة الموارد البشرية ومعارفها وكفاءتها ومهارتها كأساس للتنمية البشرية الشاملة، وعلى ذلك فقد تحول مفهوم قوة الدولة من التي تعتمد على الموارد الاقتصادية إلى قدرتها المعرفية. - أن مجتمع المعرفة يصنع العنصر البشري كفاعل أساسي في الإبداع الفكري والمعرفي والمادي فإن الإنسان هو الغاية المرجوة من التنمية البشرية. - وحتى لا نصبح مهمشين أو حتى على حافة الهاوية ولا نبقى نحيا على هامش المجتمع الدولي المتقدم فيجب استغلال أبعاد المجتمع المعرفي البعد التكنولوجي والاقتصادي والثقافي والسياسي والاجتماعي، فمجتمع المعرفة لا يقتصر على إنتاج وتداول المعلومات وإنما يحتاج إلى ثقافة تحترم من ينتج المعرفة ويستغلها في الوضع الصحيح مما يتطلب إيجاد محيط ثقافي واجتماعي وسياسي يؤمن بالمعرفة ودورها في حياتنا اليومية. - ونحن الآن في القرن الحادي والعشرين ندعو لمجتمع المعرفة في حين أن الخديو إسماعيل في القرن التاسع عشر (1863-1879) قد دعا لمجتمع المعرفة، فأيقن بأن المعرفة هي مفتاح التنمية، فقد سبق "إسماعيل" الدول المتقدمة الآن بما فيها الدول الصناعية السبع (الولايات المتحدة الأمريكية- اليابان- فرنسا- بريطانيا- ايطاليا- ألمانيا- كندا). - عندما بدأ الخديو إسماعيل إصلاحاته بالتعليم فقد رأى بأنه لا يستطيع القيام بمشروعاته الواسعة وإصلاحاته في مختلف المجالات إلا بتكوين قاعدة قوية أساسها العلم الذي هو أساس التقدم والتمدن، فاكتشف أن مفتاح التنمية هو المعرفة وبناء المجتمع المعرفي... هذا وقد أجمع المؤرخون أن عصر إسماعيل هو الفترة الوحيدة التي عاشها الشعب المصري في رفاهية ونرجع ذلك لمجتمع المعرفة الذي عاشته مصر وخاضته في تلك الحقبة من الزمن. - نحن الآن في القرن الحادي والعشرين زمن العولمة والمعلوماتية ولا زلنا نحبو لكي نصل لقاعدة البيانات ونظم المعلومات وأساليب التكنولوجيا في جمع المعلومات حتى يتسنى لنا اللحاق بركب التقدم. - فمصر تلتقي بمعطياتها الآن مع ما سبقنا إليه إسماعيل منذ ما يقرب من مائة وخمسين عاماً. إن هذه الحقبة هي حقبة التحديات الرئيسية التي يبدو أنها تحتل مكان الصدارة في اهتمامنا فتبعث فينا أملا جديدا في المستقبل. وليس من أقل تلك التحديات شأنا تحدي استئصال أخطر الظواهر بلاءً للإنسان الجوع والفقر والمرض، وهي ظواهر مرتبطة بعضها البعض ارتباطا وثيقاً، وينتج عنها العديد من الأمراض الاجتماعية التي إن استفحلت أصبحت تهدد الأمن القومي للبلاد. - فمن هنا تكمن أهمية التنمية البشرية بصفة خاصة وتنمية كافة النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية بصفة عامة تكون تنمية تكاملية شاملة أي أنها تُعد نقله حضارية التي تلبي حاجات الإنسان المتجددة والمتزايدة والمتطورة مع مراعاة حق الأجيال القادمة في تلبية حاجاتهم وهذا ما يعرف بالتنمية المستدامة. - ولكي تتحقق هذه المعادلة لا بد من توافر نظام تعليمي تربوي قائم على المجتمع المعلوماتي بحيث يحقق لجودة ويمنح الفرصة للحصول على الخبرات التعليمية التي تلبي هذه الاحتياجات الحاضرة والمستقبلية لدفع عملية التنمية الشاملة. - لقد تغير مفهوم التعليم تغيراً جذرياً وشاملاً في وقتنا الراهن الذي تسوده ثقافة مجتمع المعرفة والثورة التكنولوجية ووسائل الاتصالات والمعلوماتية حيث أصبحت المعرفة هي السبيل للتطور والتنمية، وأصبح التعليم هو المحرك الأساسي لمنظومة التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة، وكذا أصبح التعليم لا يرتبط بالمدرسة وعدد السنوات الدراسية التي يقضيها التلميذ في مدرسته فحسب، ولكنه تعليم مستمر يسمح بحق الاختيار وصنع القرار وحرية الاختلاف وتمكين الإنسان من الخبرات والقدرات التي تمنحه فرص العمل المتاحة في ظل هذه الحقبة الزمنية التي تتسم بإنتاج المعرفة. - وقد تضاعفت المعرفة الإنسانية -علمية وتكنولوجية وثقافية، فكان من نتيجة ذلك تغير النظرية الاقتصادية بتحول الاقتصاد العالمي الذي كان يعتمد على الموارد المتاحة إلى اقتصاد يعتمد على المعرفة العلمية، وأصبحت قدرة أية دولة تتمثل في رصيدها وقدرتها المعرفية فهناك العديد من الدول تقدر المعرفة بنحو 80% من اقتصادها مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين وسنغافورة، وعليه فمفهوم مجتمع المعرفة يرتبط بمفهوم مجتمع التعليم الذي يتيح كل شئ فيه فرصاً للإنسان لتعليم كيف يعرف ويصل ويتعامل مع الآخر ويتعلم لكي يحقق ذاته. - وهذا الارتباط بين المعرفة والتعليم يتطلب وجود شريحة عريضة من المجتمع على مستوى تعليمي عالي ومتطور وهذا يمثل تحدياً لنظم التعليم في مصر وعلينا أن نقبل هذا التحدي، من خلال التحولات التي يتطلبها المجتمع المعرفي الابتكاري ومنها التحول من التكرار إلى الابتكار والإبداع، من الخطط والاستقرار إلى الفهم والتفكير والتحليل. - فلم يعد كافياً أن يعتمد التعليم على نقل الخبرة من المعلم إلى المتعلم وتلقينه المعلومات ثم نقلها إلى الأجيال التالية، لأن المستقبل يحمل في طياته الكثير من التحديات، لذا فمن الضروري أن يكون التعليم مبنياً على خلق الإبداع والابتكار واستخدام الأساليب التدريسية التي تساعد على تحقيق ذلك منها التعليم الذاتي واستخدام الحاسوب الذي يصل الفرد إلى التعليم المستمر أي التعليم مدى الحياة حتى يكتسب الأبناء قدرات تمكنهم من مواجهة المشكلات واتخاذ القرارت الصائبة التي تكمن صحتها وقوتها في توفر نظام معلومات كفء وفعال يعمل على توفير المعلومات لمتخذ القرار بالشكل ومستوى الجودة العالي وفي الوقت والمكان المناسبين، وإنتاج أناس تحب العمل. - فالتنمية البشرية ليست مجرد تحسين القرارات البشرية من خلال التعليم والصحة وغيرهما بل إنها تعني انتفاع الإنسان بقدراته وتحقيق مستوى معيشي مرتفع ومعدلات إنتاجية عالية والوصول من خلال المجتمع المعرفي لرفاهية المجتمع.
- وإذا كانت المعرفة هي التي تصل بالإنسان إلى مستوى الرفاهية وتقضي على الفقر والجوع والمرض والحرمان وتساعد على حل المشكلات واتخاذ القرارات الصائبة الرشيدة فإن الإنسان هو العنصر المنتج للمعرفة فيجب أن نتعامل مع طلاب المدارس وكافة الشباب بأنهم ثروة قومية وأن نهتم بتدريبهم لكي يتمكنوا من مواجهة المشاكل والعمل على حلها بدلاً من أن يكونوا هم أنفسهم المشكلة بعينها وكذا منحهم فرص المشاركة في المؤتمرات والندوات والسماح لهم بإطلاق العنان لأحلامهم وتحقيقها بدلاً من كبتها. - وختاماً لكي نصل لمجتمع المعرفة مبنياً على إنتاج المعلومات وتداولها وثقافة تحترم من ينتج هذه المعلومات ونستغلها استغلالاً سليماً في موضعها من خلال التعليم والفكر التربوي. فينبغي أن نحقق ما يلي:* الإنسان هو المنتج الأوحد للمعرفة فلابد من إطلاق حرية الرأي والتعبير والتنظيم. * الاستفادة من مجتمع الشمال في النظم التعليمية الحديثة. * تحطيم كل القيود التي تعوق بناء مجتمع المعرفة. * تنمية القيم المنتجة بدلاً من القيم المستهلكة. * عدالة التعليم بين أبناء المجتمع و نشر الوعي والثقافة في الحياة اليومية. * الاهتمام بالقدرات الإبداعية للطلاب والخريجين والاستفادة من مخترعاتهم وحملها محمل الجد. * بناء قاعدة تحتية للمعلومات وتوطين العلم، والعمل على بناء قدرة ذاتية في البحث والتطوير وحل المشكلات واتخاذ القرارات الصائبة في مختلف مناحي الحياة. * التحول نحو نمط إنتاج المعرفة في البنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. * التحول من القراءة لاجتياز الامتحان إلى القراءة الجيدة التي تساعد على الابتكار. (التعليم مدى الحياة). * تنمية قيم العلم والتحول من تهميش التعليم إلى عشق التعليم. * تحول النظم التعليمية من بيئة الخوف والقهر إلى المشاركة والتعاون. * التركيز علي الجانب التعليمي والتربوي وعدم الاكتفاء بالتعليم الرسمي، بل يجب أن يشمل ذلك التعليم الذاتي والمستمر. * تحول الشباب إلى التحلي بروح المبادرة بدلاً من التركيز على برامج التدريب التلقينية - التقليدية. * توفير قاعدة قوية لتكنولوجيا الاتصالات ونظم المعلومات لتكون انطلاقة الشباب نحو الابتكار والإبداع والاختراع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق