الاثنين، أبريل 19، 2010

صلاح الدين الأيوبـي "البطل المسلم محرر القدس"
مولد صلاح الدين:
ولد صلاح الدين في تكريت عام 532 هـ / 1138 م في ليلة مغادرة نجم الدين قلعة تكريت* حينما كان والياً عليها ويرجع نسب إسرته حسب مايرجح انهم من قبيلة الراودية الكردية وكان نجم الدين والد صلاح الدين قد انتقل إلى بعلبك حيث أصبح والياً عليها مدة سبع سنوات وقضى صلاح الدين طفولته هناك ثم انتقل إلى دمشق حيث قضى فترة شبابه في بلاط الملك العادل نور الدين زنكي . وكان من القادة في جيش نور الدين، أرسله نور الدين من دمشق في الحملات في الشام وإلى مصر ليستكمل عمل عمه أسد الدين شيركوه على رأس الجيش من نور الدين من دمشق لمواجهة الصليبين في الشام، وفي مصر بسط سيطرته عليها والعمل على صد الحملة الصليبية ، وفي ذات الوقت ليستكمل انتزاعها من الفاطميين الذين كانت دولتهم في أفول، فنجح في عرقلة هجوم الصليبيين سنة 1169 بعد موت عمه شيركوه، و قمع تمرداً للجنود الزنوج، كما فرض نفسه كوزير للخليفة للعاضد، فكان صلاح الدين هو الحاكم الفعلي لمصر.
بدايته:
كان الوزير الفاطمي شاور قد فر من مصر هرباً من الوزير ضرغام بن عامر بن سوار الملقب فارس المسلمين اللخمي المنذري لما استولى على الدولة المصرية وقهره وأخذ مكانه في الوزارة وقتل ولده الأكبر طيء بن شاور، فتوجه شاور إلى الشام مستغيثا نور الدين زنكي في دمشق وذلك في شهر رمضان 558ھ ودخل دمشق في 23 من ذي القعدة من السنة نفسها فوجه نور الدين معه أسد الدين شيركوه بن شادي في جماعة من عسكره وكان صلاح الدين في خدمة عمه وخدمة جيش الشام، وكان لنور الدين في إرسال هذا الجيش هدفان؛ قضاء حق شاور لكونه قصده ودخل عليه مستصرخا، وأنه أراد استعلام أحوال مصر فإنه كان يبلغه أنها ضعيفة من جهة الجند وأحوالها في غاية الاختلال فقصد الكشف عن حقيقة ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * تكريت مدينة في العراق تقع على مسافة 160 كم شمال غرب بغداد على نهر دجلة، يبلغ عدد سكانها 370 الف نسمة وهي مركز محافظة صلاح الدين.
وكان نور الدين كثير الاعتماد على أسد الدين شيركوه لشجاعته ومعرفته وأمانته فانتدبه لذلك وجعل شيركوه ابن أخيه صلاح الدين مقدم عسكره، وشاور معهم فخرجوا من دمشق على رأس الجيش وفي جمادى الأولى سنة 559ھ دخلوا مصر وسيطروا عليها واستولوا على الأمر في رجب من السنة نفسها.
ولما وصل أسد الدين وشاور إلى مصر واستولوا عليها وقتلوا ضرغام وحصل لشاور مقصودة وعاد إلى منصبه وتمهدت قواعده واستمرت أموره غدر بأسد الدين شيركوه واستنجد بالإفرنج عليه فحاصروه في بلبيس*، وكان أسد الدين قد شاهد البلاد وعرف أحوالها، ولكن تحت ضغط من الحملات الصليبية المتتالية على مصر بالاضافة إلى قلة عدد الجنود الشامية اجبر على الانسحاب من مصر، واعاد الملك نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي رحمه الله بأرسال الجيش من دمشق لمجابهة الصليبين، وبلغ إلى علم نور الدين في دمشق وكذلك أسد الدين مكاتبة الوزير الخائن شاور للصليبيين وما تقرر بينهم فخافا على مصر أن يملكوها ويملكوا بطريقها جميع البلاد هناك فقاد أسد الدين الجيش وخرج من دمشق ومعه ابن أخيه صلاح الدين، وكان وصول أسد الدين إلى مصر مقارنا لوصول الصليبيين.
وتوجه صلاح الدين في قيادة الجيش إلى الإسكندرية فاحتمى بها وحاصره الوزير شاور في جمادى الآخرة من سنة 562ھ ثم عاد أسد الدين من جهة الصعيد إلى بلبيس وتم الصلح بينه وبين المصريين وسيروا له صلاح الدين فساروا إلى دمشق ، وكان شاور لما أحس بخروج الإفرنج إلى مصر سير إلى أسد الدين في دمشق الشام يستصرخه ويستنجده فخرج مسرعا وكان وصوله إلى مصر في شهر ربيع الأول سنة 564ھ ولما علم الإفرنج بوصول أسد الدين على رأس الجيش من دمشق إلى مصر على اتفاق بينه وبين أهلها رحلوا راجعين على أعقابهم وأقام أسد الدين بها يتردد إليه شاور في الأحيان وكان وعدهم بمال في مقابل ما خسروه من النفقة فلم يوصل إليهم شيئا وعلم أسد الدين أن شاور يلعب به تارة وبالإفرنج أخرى، وتحقق أنه لا سبيل إلى الاستيلاء على البلاد مع بقاء شاور فأجمع رأيه على القبض عليه إذا خرج إليه، فقتله وأصبح أسد الدين وزيرا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مدينة بلبيس من المدن القديمة وقد كانت مدخل العرب إلى مصر عند الفتح الإسلامي فقد فتحت ذراعيها لاستقبال جنوده حتى يخلصوا مصر من ظلم الرومان ففي عام 1871 م سميت مركز بلبيس وهي من أشهر بلاد الشرقية على مر العصوروكانت تسمى (بيس) ثم أضيف إليها (بل) فأصبحت (بل بلاس) ومعناها القصر الجميل وسميت بعد ذلك بلبيس.والاسم الأصلى لمحافظة الشرقية كما يشار إليه في تاريخ الجبرتى هو "شرقية بلبيس"، أى الأراضى الواقعة شرق مدينة بلبيس، التى كانت من أهم مدن الدلتا في العصر العثمانى وزمن الحملة الفرنسية.
وناهيا وصلاح الدين يباشر الأمور مقرراً لها لمكان كفايته ودرايته وحسن رأيه وسياسته إلى الثاني والعشرين من جمادى الآخرة من السنة نفسها فمات أسد الدين، ولما بلغ صلاح الدين قصد الإفرنج دمياط استعد لهم بتجهيز الرجال وجمع الآلات إليها ووعدهم بالإمداد بالرجال إن نزلوا عليهم وبالغ في العطايا والهبات وكان وزيرا متحكما لا يرد أمره في شيء ثم نزل الإفرنج عليها واشتد زحفهم وقتالهم عليها وهو يشن عليهم الغارات من خارج والعسكر يقاتلهم من داخل فانتصر عليهم فرحلوا عنها خائبين فأحرقت مناجيقهم ونهبت آلاتهم وقتل من رجالهم عدد كبير.
ولما توفي الخليفة العاضد الفاطمي إعاد صلاح الدين الأيوبي مصر إلى حظيرة الخلافة العباسية، هذا وقد حكمت الاسرة الايوبية مصر و الشام بين ١١٦٩م- ١٢٦٠م استرد صلاح الدين القدس عام (٢٧ من رجب ٥٨٣هـ - ٢ من أكتوبر ١١٨٧ م) من الصليبيين. حكم سوريا "١٩" سنة و مصر "٢٤" سنة.
بناء الوحدة الإسلامية:
توفي نور الدين محمود، وترك ولدا صغيرا لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره، فشب نزاع بين الأمراء على من يقوم بالوصاية على الأمير الصغير، وانفرط عقد الدولة النورية، وكان صلاح الدين في مصر يراقب ما يحدث في الشام عن كثب، ينتظر الفرصة المواتية لتوحيد الجبهة الإسلامية، ولم يطل انتظاره حيث جاءته دعوة من أمراء دمشق لتسلّمها، فهب إليها على الفور، واستقبله أهلها استقبالا حسنا، وتسلم المدينة وقلعتها في سنة (570هـ - 1174م) ثم اتجه إلى حمص فاستولى عليها، ثم عرج على حماة فضمها أيضا إلى دولته، وأصبح على مشارف حلب نفسها، وحاول أن يفتحها لكنها استعصت عليه، بعد أن استنجد قادتها بالصليبيين؛ فتركها وفي أعماقه أنه سيأتي إليها مرة أخرى، ولكن تأخرت عودته ثماني سنوات، حتى تمكن من فتحها وضمها في (18 من صفر 579هـ = 12 من يونيه 1183م) وكان استيلاء صلاح الدين على حلب وما حولها خطوة هائلة في بناء الجبهة الإسلامية المتحدة، التي امتدت تحت زعامته من جبال طوروس شمالا حتى بلاد النوبة جنوبا.
لم يعد أمام صلاح الدين لاستكمال الوحدة سوى مدينة الموصل، فحاصرها أكثر من مرة، إلى أن تم الصلح، بعد أن سعى إليه والي الموصل "عز الدين مسعود"، قبل أن يكون تابعا لصلاح الدين، واتفق على ذلك في (صفر سنة 582هـ = 1186م). في أثناء الفترة التي عمل فيها صلاح الدين على إحياء الدولة الإسلامية المتحدة؛ استعدادا لخطة الجهاد التي رسمها لطرد الصليبيين، ارتبط بعقد هدنة مع هؤلاء الصليبيين مدتها أربع سنوات؛ حتى يتفرغ تماما لتنظيم دولته وترتيب أوضاعها الداخلية. غير أن أرناط حاكم حصن الكرك شاء بحماقته ألا يترك الصليبيين ينعمون بتلك الهدنة؛ حيث أقدم على عمل طائش نقض الهدنة وأشعل الحرب، فاستولى على قافلة تجارية متجهة من مصر إلى دمشق، وأسر حاميتها ورجالها، وألقى بهم أسرى في حصن الكرك. حاول صلاح الدين أن يتذرع بالصبر فبعث إلى أرناط مقبحًا فعله، وتهدده إذا لم يرد أموال القافلة ويطلق سراح الأسرى. وبدلا من أن يستجيب أرناط أساء الرد، واغتر بقوته، ورد على رسل صلاح الدين بقوله: "قولوا لمحمد يخلصكم". ولما حاول ملك بيت المقدس أن يتدارك الموقف أصرّ أرناط على رأيه، ورفض إعادة أموال القافلة وإطلاق الأسرى، فزاد الأمر تعقيدا، ولم يبق أمام صلاح الدين سوى الحرب والقصاص.
موقهة حطين 583هـ / 1187م
عبّأ صلاح الدين قواه واستعد لمنازلة الصليبيين وخوض معركة الجهاد الكبرى التي ظل يعد لها عشر سنوات منتظرا الفرصة المواتية لإقدامه على مثل هذا العمل، ولم تكن سياسة أرناط الرعناء سوى سبب ظاهري لإشعال حماس صلاح الدين، وإعلان الحرب على الصليبيين. غادرت قوات صلاح الدين التي تجمعت من مصر وحلب والجزيرة وديار بكر مدينة دمشق في المحرم (583هـ - مارس 1187م) واتجهت إلى حصن الكرك فحاصرته ودمرت زروعه، ثم اتجهت إلى الشوبك، ففعلت به مثل ذلك، ثم قصدت بانياس بالقرب من طبرية لمراقبة الموقف. وفي أثناء ذلك تجمعت القوات الصليبية تحت قيادة ملك بيت المقدس في مدينة صفورية، وانضمت إليها قوات ريموند الثالث أمير طرابلس، ناقضا الهدنة التي كانت تربطه بصلاح الدين، مفضلا مناصرة قومه، على الرغم من الخصومة المتأججة بينه وبين ملك بيت المقدس. كان صلاح الدين يرغب في إجبار الصليبيين على المسير إليه، ليلقاهم وهم متعبون في الوقت الذي يكون هو فيه مدخرًا قواه، وجهد رجاله، ولم يكن من وسيلة لتحقيق هذا سوى مهاجمة طبرية، حيث كانت تحتمي بقلعتها زوجة ريموند الثالث، فثارت ثائرة الصليبيين وعقدوا مجلسًا لبحث الأمر، وافترق الحاضرون إلى فريقين: أحدهما يرى ضرورة الزحف إلى طبرية لضرب صلاح الدين، على حين يرى الفريق الآخر خطورة هذا العمل لصعوبة الطريق وقلة الماء، وكان يتزعم هذا الرأي ريموند الثالث الذي كانت زوجته تحت الحصار، لكن أرناط اتهم ريموند بالجبن والخوف من لقاء المسلمين، وحمل الملك على الاقتناع بضرورة الزحف على طبرية. بدأت القوات الصليبية الزحف في ظروف بالغة الصعوبة في (21 من ربيع الآخر 583هـ - 1 من يوليو 1187م) تلفح وجوهها حرارة الشمس، وتعاني قلة الماء ووعورة الطريق الذي يبلغ طوله نحو 27 كيلومترا، في الوقت الذي كان ينعم فيه صلاح الدين وجنوده بالماء الوفير والظل المديد، مدخرين قواهم لساعة الفصل، وعندما سمع صلاح الدين بشروع الصليبيين في الزحف، تقدم بجنده نحو تسعة كيلومترات، ورابط غربي طبرية عند قرية حطين. أدرك الصليبيون سطح جبل طبرية المشرف على سهل حطين في (23 من ربيع الآخر 583هـ - 3 من يوليو 1187م) وهي منطقة على شكل هضبة ترتفع عن سطح البحر أكثر من 300 متر، ولها قمتان تشبهان القرنين، وهو ما جعل العرب يطلقون عليها اسم "قرون حطين". وقد حرص صلاح الدين على أن يحول بين الصليبيين والوصول إلى الماء في الوقت الذي اشتد فيه ظمؤهم، كما أشعل المسلمون النار في الأعشاب والأشواك التي تغطي الهضبة، وكانت الريح على الصليبيين فحملت حر النار والدخان إليهم، فقضى الصليبيون ليلة سيئة يعانون العطش والإنهاك، وهم يسمعون تكبيرات المسلمين وتهليلهم الذي يقطع سكون الليل، ويهز أرجاء المكان، ويثير الفزع في قلوبهم. وعندما أشرقت شمس يوم السبت الموافق (24 من ربيع الآخر 583هـ - 4 من يوليو 1187م) اكتشف الصليبيون أن صلاح الدين استغل ستر الليل ليضرب نطاقا حولهم، وبدأ صلاح الدين هجومه الكاسح، وعملت سيوف جنوده في الصليبيين، فاختلت صفوفهم، وحاولت البقية الباقية أن تحتمي بجبل حطين، فأحاط بهم المسلمون، وكلما تراجعوا إلى قمة الجبل، شدد المسلمون عليهم، حتى بقي منهم ملك بيت المقدس ومعه مائة وخمسون من الفرسان، فسيق إلى خيمة صلاح الدين، ومعه أرناط صاحب حصن الكرك وغيره من أكابر الصليبيين، فاستقبلهم صلاح الدين أحسن استقبال، وأمر لهم بالماء المثلّج، ولم يعط أرناط، فلما شرب ملك بيت المقدس أعطى ما تبقّى منه إلى أرناط، فغضب صلاح الدين وقال: "إن هذا الملعون لم يشرب الماء بإذني فينال أماني"، ثم كلمه وذكّره بجرائمه وقرّعه بذنوبه، ثم قام إليه فضرب عنقه، وقال: "كنت نذرت مرتين أن أقتله إن ظفرت به: إحداهما لما أراد المسير إلى مكة والمدينة، والأخرى لما نهب القافلة واستولى عليها غدرًا".
نتائج معركة حطين:
لم تكن هزيمة الصليبين في حطين هزيمة طبيعية، وإنما كانت كارثة حلت بهم؛ حيث فقدوا زهرة فرسانهم، وقُتلت منهم أعداد هائلة، ووقع في الأسر مثلها، حتى قيل: إن من شاهد القتلى قال: ما هناك أسير، ومن عاين الأسرى قال: ما هناك قتيل. وغدت فلسطين عقب حطين في متناول قبضة صلاح الدين، فشرع يفتح البلاد والمدن والثغور الصليبية واحدة بعد الأخرى، حتى توج جهوده بتحرير بيت المقدس في (27 من رجب 583هـ -12 من أكتوبر 1187م). حفظ صلاح الدين حياة الأسرى باستثناء بعض الفرسان، أما حاكم الكرك ناقض الهدنة مع صلاح الدين والذي كثيراً ما كان يتعرض للقوافل الإسلامية المتجهة أو العائدة من الحج فقد قطع صلاح الدين رأسه. لم تكن حطين مجرد هزيمة وقعت بالصليبيين إنما كانت كارثة حلت بالصليبيين بوجه عام وبمملكة بيت المقدس بوجه خاص. وكانت نهاية الكيان الصليبي في الشرق. فوائد انتصار المسلمين في معركة حطين: كانت معركة حطين البداية لنصرة المسلمين وعودة البلاد الإسلامية إلى حكمهم، بالإضافة إلى أن هذا اليوم كان نكسة شديدة على الصلبيين، فقد كثرت فيها الدماء وذاق الصليبيون شدة العطش ولهيب النيران وكثر القتلى والجرحى حتى غطى الدم ساحة المعركة فوائد الانتصار تكمن فيما يلي: 1- انتصر صلاح الدين ودفع ثمن انتصاره غالياً، ارتفعت معنويات المسلمين بعد حطين وزعزعت الوجود الصليبي في الشرق. 2- انتصار صلاح الدين في حطين فتح أمامه الطريق لاسترداد المدن الساحلية الواقعة جنوبي طرابلس وأسرع صلاح الدين مستغلاً الموقف وذلك ليقطع الصلة بين الصليبيين وبلاد الشام وبين أوربا فاحتل عكا وبيروت وصيدا ويافا وقيسارية وعسقلان. 3- بعد ذلك اتجه صلاح الدين إلى الداخل فاستولى على العديد من القلاع والحصون والمدن التي كانت بحوزة الصليبيين حتى جاء دور بيت المقدس واضطرت إلى الاستسلام بعد حصار فسلمتها حاميتها الصغيرة في 12 أكتوبر عام 1187م وبرهن صلاح الدين على أنه رجل دولة حكيم وعادل فعامل سكان القدس معاملة أرق وأخف بكثير مما عاملهم الغزاة الصليبيون، لم يبطش بسكانها ولم يدمرها وسمح للسكان المسيحيين بمغادرتها بعد دفع الفدية 0عن كل رجل 10 دنانير ذهبية وعن المرأة 5 دنانير ذهبية وعن الطفل دينار ذهبي واحد) وبقي 15 ألف إنسان لم يدفعوا الفدية فبيعوا عبيداً.. هكذا أصبحت مملكة بيت المقدس كلها بيد صلاح الدين عدا مدينتي صور وطرابلس وبضعة حصون صغيرة وعندما سمع البابا أوربان الثامن بسقوط بيت المقدس توفي من أثر الصدمة.
تلخصت خطة صلاح الدين في الأمور التالية:
1- السعي نحو توحيد الإمارات، فضم مصر والشام والجزيرة الشامية كلها في مدة أربع سنوات.
2- نشر ثقافة الجهاد استنفارًا وحثًّا، وهو ما ينبغي أن تستعد له المؤسسات التعليمية المعاصرة ويدرج ضمن المقررات التعليمية.
3- التجهيز والاستعداد، ولا سيما أن الحروب الصليبية متوالية قريبة منه وهل ليس ثمة أعداءٌ بالقرب منا.
ولقد تجلَّت مجموعة كبرى من علامات لا يصحُّ تفويتها بعد النصر الذي حققه صلاح الدين، وهي كافية في التدليل على المنظومة الأخلاقية الحاكمة في بنية الإسلام التشريعية.. يقول محمد عبد الله عثمان في التعقيب على هذا النصر الكبير: "وأبدى صلاح الدين في تحصيل الفداء منتهى التسامح، ولم يدخل خزائنه سوى القليل، لقد كان دخول المسلمين بيت المقدس على هذا النحو السلمي المنزَّه عن ارتكاب الإثم وإراقة الدماء صفحةً مشرقةً ناصعةً".
إن النصر الذي تم على إثره تطهير البيت المقدس في القدس كان ثمرةً منطقيةً لعوامل كثيرة يمكن إجمالها فيما يلي:
1- وحدة الأمة.
2- توافر بطل عظيم الاقتناع بالفكرة الإسلامية.
3- التخطيط والاستعداد والتجهيز.
ومن ثم فنحن نؤمن إيمانًا عميقًا كما تبدَّى من قراءة أحداث هذه المعركة أن أيَّ تحرك أو أي مشروع نهضوي يتوخَّى أي صفة غير الصفة الإسلامية والتحول بهذا التحرك نحو أي باعث قومي أو عنصري أو إقليمي سيقود إلى التجرد من الشرف وسيقود إلى الإخفاق المروِّع.
وفاته:
توفي صلاح الدين بقلعة دمشق عن ٥٧ عاما في ( ٢٧ من صفر ٥٨٩ هـ - ٤ من مارس ١١٩٣م ) وارتفعت الأصوات بكل بلاد المسلمين بالبكاء حزناً على القائد المسلم البطل الذي سطر تايخه من نور، ليت يجئ رجلاً مثل صلاح الدين الايوبي يتمكن من استعادة بيت المقدس وفلسطين الطاهرة من دنس الصهاينة الاشرار.
د/ عماد رمضان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق