الانسان والبيئة
منذ بدأ الإنسان يسعى على سطح كوكب الأرض ارتبط مفهوم الزمن لديه بما يجري من تغيرات في هذا العالم الذي يعيش فيه 0 فزمن الإنسان هو وجوده التاريخي الذي هو حالة حاضرة بين ما كان وما سيكون في هذا العالم .
وارتباط التاريخ بالزمن يتضح من خلال الحقيقة القائلة بأن الماضي الحضاري لبني الإنسان على سطح الأرض هو موضوع علم التاريخ كذلك يتضح هذا الارتباط من خلال حقيقة أن الإنسان هو الوحيد بين الكائنات الذي يمكنه أن يميز بين الماضي والحاضر والمستقبل كما أنه الذي يخضع بضرورة الزمن ويفيد من التجارب التي ينقلها الزمن إليه فكلما مضى زمن على الإنسان أضاف إليه مزيد من المعرفة والخبرة وزاد في حجم التراث الحضاري للبشرية ، والإنسان يكتسب بمرور الزمن مزيداً من الخبرات التي تجعله دائماً وأبداً كائناً متغيراً .
والجغرافيا هي إحدى حقائق التاريخ وإحدى مقوماته وإحدى العوامل الكبرى المؤثرة فيه، تحكمت في ظهور المدنيات في مواقع محددة كما منعتها الظهور في مواقع أخرى 0
والتفاعل بين الإنسان والبيئة في إطار الظرف الزماني هو الذي ينتج لنا الظاهرة التاريخية في أي عصر من العصور وعلى هذا الأساس فإن البيئة بما تقدمه من معطيات في الأرض وشكلها وطبيعتها ودرجة خصوبتها أو جدبها ، ومن حيث توفر مصادر المياه أو قلتها ، وموارد الثروة المعدنية أو النباتية ، والبحار والبحيرات والأنهار، والجبال والتلال والسهول والوديان فضلاً عن الظروف المناخية السائدة 0
فالبيئة تترك أثرها الواضح على شكل الظاهرة التاريخية ومدى أهميتها في المجرى العام لتاريخ الإنسانية وهو الأمر الذي يفسر لنا حقيقة أن الخط الحضاري في بيئة نهرية فيضية لابد وأن يختلف بالضرورة عن الخط الحضاري في بيئة صحراوية أو بحرية .
وهناك آيات كثيرة في القرآن تؤكد معنى أن البيئة ومظاهر الطبيعة التي خلقها الله مسخرة لخدمة الإنسان ومساعدته ، وتؤكد أيضاً أن فكرة التاريخ في القرآن الكريم تتضمن أن البيئة أو الطبيعة وما فيها ، مخلوق ليكون مسخراً للإنسان يساعده على الحياة فوق هذا الكوكب. ولقد شاءت إرادة الله أن يكون هناك حوار بين الإنسان والطبيعة ، وأن يتخذ هذا الحوار شكل التوتر والتحدي الذي يدفع الإنسان باستمرار إلى محاولة اختراق حجب أسرار الطبيعة ، فالإنسان يكشف مزيداً من قوانين الطبيعة بمرور الزمن ، كما يستخدم طاقاته الإبداعية في تسخيرها .
ولم يشأ الله أن يكشف للإنسان عن قوانين الطبيعة دفعة واحدة ، لأن في ذلك إهمالاً لطاقاته الكامنة وقدرتها على الفعل والكشف والابتكار .
وأن المؤرخين قد أدركوا ما للبيئة من أهمية في تكوين الظاهرة التاريخية ، فالمؤلفات التي تناولت التاريخ العام ، منذ بدء الخليقة ، لم تغفل الحديث عن أقاليم الأرض وتقسيمها الجغرافي وأهم الملامح الجغرافية فضلاً عن سكان كل إقليم ونشاطهم الحضاري .
وعلى أساس دور البيئة في تشكيل العملية التاريخية قامت عدة نظريات في الفكر الحديث لمحاولة تفسير التاريخ الإنساني ورصد القوانين المحركة له وأن مناهج التاريخ على وجه الخصوص تعني دراسة العلاقات الإنسانية من ناحية وعلاقة الإنسان ببيئته ومشكلاتها من ناحية أخرى ، المشكلات والمواقف التي تبدو كرد فعل لتلك العلاقات .
واتجاه الإنسان لحل المشكلات البيئية والحفاظ على مصادرها الطبيعية لحق الأجيال القادمة في بيئة نظيفة وموارد متاحة ، فحينما تعرضت مصر لعدوان 1956 ، وعدوان 5 يونيو 1967 ، أدى إلـى إعاقة مصر فـي التنمية الاقتصادية بل إلى عودتها إلى الوراء لبناء البيئة فالحروب لها تأثير سلبي شديد السلبية على الاقتصاد والتنمية كما تؤثر بقوة على البيئة وما تتعرض له من جراء الحروب .
ويقول حمدان عن دور الخطر الإسرائيلي حين لعبت دور مخلب القط وذنب الأفعى في العدوان الثلاثي 1956 الذي كانت قناة السويس هدفاً له والذي أدى إلى إغلاقها لأكثر من عام ولأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية ، على أن الدور الأكبر إنما جاء على يد إسرائيل وجوها ، وذلك في عدوان 1967 الغادر الذي سد القناة للمرة الثانية في غضون عقد واحد تقريباً ولمدة ثماني سنوات متصلة ظلت ممتدة حتى الأمس القريب 1975.
ومعنى ذلك أن قناة السويس قد تعطلت مرتين وذلك بفعل أكبر خطر عليها وهو الخطر الإسرائيلي ، وقد ترتب على ذلك خسائر مادية وعمرانية ، وتوقف عائد القناة خلال تسع سنوات توقفت خلالها الملاحة في القناة وبالتالي خسائر مصر الاقتصادية من جراء ذلك العدوان
ولقد كانت المناطق الأثرية في شمال سيناء عُرضة للتدمير والتخريب خلال الاحتلال الإسرائيلي للمنطقة بعد عدوان 1967 ولعل ذلك يدل على الآثار السلبية النـاجمة عن الحروب من خسائر اقتصادية وعمرانية ويترتب عليها تغيير في البيئة الاجتماعية والمشيدة ، فما يحدث من آثار سلبية على البيئة من مشكلات وتلوث في الكون وهو بيئة الإنسان فما هو إلا بفعل الإنسان .
ومن الآثار السلبية الناجمة عن الحروب :
- خسائر بشرية وهي القوى المتمثلة في الإنسان
- خسائر اقتصادية ومادية متمثلة في الأسلحة والمعدات الحربية
- عدم مواصلة التنمية الاقتصادية والعودة إلى النقطة الأولى (بناء البنية التحتية )
- تلوث البيئة ودمار لحياة الإنسان
- تدمير وتخريب عمراني .
وإذا كانت الحروب ينتج عنها الكثير من الأضرار بالبيئة وسلبياتها عليها وما ينتج عنها من تدمير الإنسان والبيئة معاً فعليه ان يضع بني البشر بتحجيم الحروب ومن قيامها فليس لها سوى نتائج ضررها جسيم على البشرية وكوكب الارض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق