الجمعة، مارس 13، 2015

مقدمة بحث ...... متطلبات العولمة الثقافية د/ عماد رمضان سليمان

دراسة تحليلية لمحتوى مناهج الدراسات الاجتماعية المقررة على تلاميذ مرحلة التعليم الاساسي في ضوء متطلبات العولمة الثقافية
د/ عماد رمضان سليمان

        يشهد العالم الذي أصبح بمثابة قرية كوكبية صغيرة في الوقت الراهن صراعات جمة بين الدول الكبرى والدول الصغرى - الدول الغنية كانت أم الفقيرة .. صراعات سياسية وفكرية وثقافية واقتصادية وعرقية وغيرها كثيراً، الأمر الذي نتوقف عنده ونسأل لماذا كل هذه الصراعات ؟.. في حقيقة الأمر أن هناك من يريد أن يهيمن ويسيطر على الدول النامية والفقيرة من خلال الغزو الثقافي والسيطرة الاقتصادية والسياسية والفكرية وهو ما يعرف بالعولمة الغربية، والعولمة مصطلح واسع النطاق تستخدم لوصف المجالات الثقافية والاقتصادية والتغييرات السياسية التي حدثت فالعولمة بمعناها الشامل هي ترجمة للكلمة الانجليزية Globalization وتعني تعميم الشئ وتوسيع دائرته ليشمل الكل.
وهناك العديد من سلبيات العولمة منها محاولة فرض ثقافات الدول التكنولوجية على ثقافات أخرى ولعل من الصعوبة أن نوحد ثقافات شعوب العالم فلكل قيمه وعاداته وميراثه الثقافي فمن الصعوبة إيجاد هذا التجانس الثقافي، فالهيمنة الغربية أو الليبرالية الجديدة هي أشد خطورة على المجتمعات النامية وفقدانها   لسيادتها أو على الأقل استقلالها الوطني وإضعاف لفكرة المواطنة وتُعد الدول الأكثر استخداما لأحدث أنواع التكنولوجيا هي نفسها الدول الأكثر استفادة من إيجابيات العولمة، وهذا لا ينطبق على الدول فقط، بل على القوى الاجتماعية أيضا ومن المتوقع أن يصير التبادل المتفاعل بين الدول المتطورة تكنولوجيا والدول الفقيرة تكنولوجيا -نظرا لطبيعة حركة العولمة- سبيلا مؤديا إلى تعليم الدول الفقيرة الوسائل التكنولوجية لمقاومة الأمراض والفقر والجوع ومواجهة فقدان الهوية. (روبين وباري، 2007، ص ص، 155-158)
كما تحاول العولمة فرض نموذجاً ثقافياً علي المجتمعات ، وهي بذلك تريد أن تطمس ظاهرة التمايز الثقافي التي عايشتها البشرية علي مر تاريخها، علما بأن "الثقافة بناء حضاري إنساني يقوم علي نظام متميز ونسق خاص للقيم الاجتماعية والمفاهيم الفكرية والثقافية فهي بذلك تعمل على إذابة القيم والثقافات وهيمنة القيم والثقافة الغربية. (الفقي،2000،ص115)
وتذهب "ليلى السيد" بأن مخاوف العولمة تكمن في محاولة فرض سيادة الثقافة الأمريكية دون الثقافات الأخرى وبالتالي فرض الهيمنة الأمريكية على العالم، وعليه فلابد من التمسك بالهوية والتراث والعودة إلى الذات وهذا ما أكدت عليه التجمعات الثقافية العربية، فقد طرحت في السنوات الأخيرة إشكالية العلاقة بين العولمة والهوية ومن هذه الندوات: ندوة "العولمة والهوية" الرباط، أكاديمية المملكة المغربية، وندوة "العرب والعولمة" بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية في سنة 1997م، وفي سنة 1998 دارت ندوة "العولمة والحفاظ على الهويات الثقافية والإبداع والسياسات الثقافية" باريس، اللجنة الوطنية الفرنسية للتربية والتعليم والثقافة، وندوة "السياسات الثقافية من أجل التنمية" استوكهولم، اليونسكو، وندوة "العولمة وقضايا الهوية الثقافية" القاهرة، المجلس الأعلى المصري للثقافة، وندوة "الفرنكفونية والعولمة" في بيروت.(ليلى السيد، 2007)
            ورغم سلبيات العولمة الثقافية التي تقوم على عملية استبعاد ثقافات الأمم والشعوب ومحاولة فرض ثقافة واحدة لدول تمتلك القوة المادية وتهدف عبر العولمة لتحقيق مكاسب لا منافع البشر، إلا أن هناك العديد من البحوث والتقارير مثل دراسة (إبراهيم أبو محمد، 2006، ص ص 1-17)، ودراسة(سمير عبد الرحمن، 2006)، ودراسة (أبو بكر رفيق، 2007)  التي تشير إلى الكثير من إيجابيات العولمة، وعلى الدول النامية أن تقبل العولمة وأن تعمل على مواكبتها، مع محافظتها على هويتها الثقافية العربية الإسلامية حتى لا تقودنا إلى أزمة الهوية بل وطمسها.
    وعلينا أن نعمل بجدية لتحقيق العولمة الحقة وليس الهيمنة وهذا دور الجميع المؤسسات الحكومية وكافة المسئولين في جميع المجالات وليس ببعيد مجال التربية والمدارس والمناهج خاصة التي من خلالها يكتسب التلميذ القيم والاتجاهات نحو الأفضل فكما قال أفلاطون بأن عقل الطفل نار تتوهج وليس وعاء يملأ.
ويشير "أسامة الباز" على أن لفظ العولمة قد عرف منذ عام 1882 عندما أنشئ الاتحاد الدولي للبريد فبدأ الكتاب الفرنسيون يقولون أننا نشهد في هذه الفترة عصر العولمة لأنه يقوم على مستوى العالم فاعتبروه فتحاً جديداً في مجالات العلاقات الدولية، وإزالة معظم الحواجز التي كانت قائمة بين الدول و الشعوب فلم تعد هناك جدران تحول دون التأثيرات المتبادلة بين الدول الكبرى والصغرى أو الغربية وغير الغربية وما نشهده من ثورة المعلومات فأصبحت المعلومات المتاحة تتضاعف مرة كل سنة بينما كانت تتضاعف في مدة بين 300 - 400 سنة، لذا يجب علينا أن نضع في الاعتبار بأن المعلومات التي تلقيناها خلال عشر سنوات أصبحت تشكل نصف ما يجب أن نعرفه الآن فمن المؤكد بأن المسألة ستكون خطيرة للغاية. (أسامة الباز، 2002 - 2003)
ومع سرعة المعلومات وتدفقها والبيانات التكنولوجية التي تعتمد عليها الدول الكبرى والدول الساعية للوصول إليها نشاهد واقعنا في مصر بضعف القاعدة العالمية والتكنولوجية المصرية وغياب دورها في حسم الخيارات التكنولوجية المتاحة، لذا من الضروري توافر نوعية المواد التعليمية من خلال التوسع في شبكة التكنولوجيا والتفاعل على المستوى العالمي ليسمح تبادل المعرفة والمواد والبيانات بسرعة وبتكلفة زهيدة باختراق الحواجز الجغرافية والوصول إلى مجموعة متنوعة من المواد التعليمية من خلال تصميم مناهج تحقق احتياجات الطلاب في ظل العولمة. (إبراهيم العيسوي، عمر فاروق أمين، 2002)
ونحن الآن نحتاج إلى المواهب الجديدة  لذا فلم تعد عملية التعليم عملية تلقينية أو حفظ يعتمد الطالب فيها على ما يلقيه المعلم له، و لكن تطلب الإبداع و التفكير والاستنتاج و حل المشاكل و الابتكار في الحياة و استعمال العقل و المنطق و التحليل و الحث على الإبداعات الفنية و التقنية ، و هذا لا يتأتى إلا بكيفية استخدام العقل و أثارته بالتوصل إلى حلول، كما أن الغرض ليس حصول الطالب على المعلومات فقط باستخدام  التكنولوجيا الحديثة من خلال الحاسوب والانترنت بل دراستها و نقدها و مقارنتها و تفسيرها و تصنيف تلك المعلومات و الأفكار و الاستفادة منها وصولاً إلى الإبداع والابتكار. (عمار ، أبو زيد، 2002)
لا بد للتعليم الجيد أن ينمي عقولاً ناقدة متسائلة، وينشئ أفراداً مبدعين ومتميزين لمواجهة تلك العولمة الغربية، وقد يشعر بعض التربويين وأولياء الأمور أن تعليم الأطفال مهارات الحساب والقراءة أمراً مهماً، ربما أكثر أهمية من تعليم العلوم. بينما يرى آخرون أن الأولوية يجب أن تكون لتعليم اللغات وآدابها، ولكن مما لا شك فيه أن تحصيل الطلبة في شتى المواضيع الدراسية يعتمد -إلى حد كبير- على طريقة تفكيرهم، وقدرتهم على تحديد مواطن القوة والضعف لديهم، ومراقبة أدائهم وتطويره. ولعل أهم ما يمكن أن يتعلمه الطلبة هو أنماط
تفكير مغايرة إن طريقة تفكير هؤلاء الصغار سوف تؤثر على القرارات التي سيتخذونها في المستقبل، هذه القرارات التي ستشكل ملامح مستقبلنا ومستقبلهم واستخدام تكنولوجيا التعليم  ونستخدم ما يصلح وما لا يصلح نتركه. 
(Lovelace, Maryann  Kiely، 2005)
  وهذا ما يؤكده كل من (Lindy & Williams ) بأن Teaching over the Internet is new territory for all of us.التعليم على الانترنت في بدايته كان مجالاً جديداً ومحدوداً بالنسبة لنا جميعا، واختلف الأمر الآن فتوجد حاليا فرصة لتحسين فهمنا لمسافة التعلم من خلال الRecently there have been major breakthroughs in compression technology.الالطفرات الكبيرة التي حدثت مؤخراً في التكنولوجيا المتقدمة وبين المعدلات العالية لنقل البيانات، فشرارة الثورة الرقمية هي التي أدت إلى المعلومات الراهنة، زمن العولمة ولكن علينا أن نكون حذرين في استخدام تلك التكنولوجيا سواء سمعية أم بصرية حتى لا تستخدم كوسيلة لعبث الطلاب وليس للتعلم وكذا علينا أن نقدم التجربة المفيدة والمتطورة في كيفية تعليم الطلاب في ظل سرعة نقل المعلومات. (Spariosu, Mihai, 2005 )
لقد كان تعليم التفكير هدفاً سامياً منذ أيام أرسطو وفي عصر العولمة وتفجر المعلومات، صار تعليم التفكير الإبداعي والناقد واستراتيجيات حل المشكلات وصنع القرارات ضرورة لا بد منها، وذلك حتى يتمكن الطلبة من مواجهة التحديات والمشاكل التي تواجههم بشكل خلاق، وليتمكنوا من فحص صحة الادعاءات وتقييم دقة المعلومات التي يتعرضون لها، ما يؤثر على فعالية القرارات التي يتخذونها. نحن نسعى في مركز القطّان للبحث والتطوير التربوي إلى مساندة المعلمين في تنمية مهارات التفكير وتعليمها، وتحفيز الطلبة على التحليل والنقد والاستدلال وحل المشكلات بأساليب إبداعية.
          لذا يتطلب الأمر تحسين فرص الحصول على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بما في ذلك الانترنت من أجل التنمية فنحن نحتاج إلى مواهب جديدة للعصر الجديد من الفصل إلى العمل وكفاءات مطلوبة للنجاح في عالمنا المتغير فيتطلب ذلك خلق القوانين والتنظيمات في العملية التعليمية ومعالجة المناهج من خلال توظيف الحاسب فيها مع  التركيز على التدريب العملي في استخدام الحاسبات على نحو يمكننا من استخدام التكنولوجيا(أبو زيد، عمارة، 2001)
ونتيجة التطورات التكنولوجية والاتجاه العالمي السائد الآن نحو المرونة في التعلم والتعليم قد أدى إلى إدخال أساليب مبتكرة في العملية التعليمية مثل ثقل المهارات وتحمل المزيد من المسؤولية والجمع بين البرامج التعليمية والأنشطة وأنماط التعلم، لذا قد يتفاعل الطلاب ويتعلمون خلال الانترنت، ويُعد مستوى المهارات من العوامل التي تؤثر على تقدم وتعلم الطلاب.  دراسة ( Drennan & etal 2005 ) ودراسة(usinfo.state.gov 2006)
        ويؤكد "روبرت" بأن التعليم" يعتبر بمفهومه في زمن العولمة هو استخدام الحاسوب وتكنولوجيات التعلم على جميع مستويات نظام التعليم الرسمي وغير الرسمي  وغير المقصود أي التعليم مدى الحياة، (Robert H. Seidman 2006)
        فمن متطلبات عصر العولمة والمعلومات، القدرة على التكيف مع المتغيرات العالمية وإضافة الجديد في المجالات المختلفة التي يعمل فيها الأفراد وهذا ما يطلق عليها مفهوم التنمية البشرية ، وهذا العصر هو عصر التنمية البشرية ، ولا تتحقق التنمية البشرية إلا عن طريق تعليم جيد ومناهج تواكب عصر العولمة، ومعلماً قادراً علي مسايرة كل جديد في تقنيات التدريس وأساليبه، وأيضا أن تكون له القدرة علي إكساب طلابه المهارات وطرق التفكير العلمية مع المحافظة على هويتنا الثقافية، وتصبح الجودة الشاملة في التعليم ليست مطلبا ترفيها ، بل مطلبا يتوقف عليه مستقبل المجتمع. (أحمد مكي، بدون تاريخ)

وللاستفادة الحقة من العولمة أن نرسم السياسات التربوية ليس فقط عند بعض المعلومات والحصول على ما هو جديد أو إعادة استعمال الأشياء الرقمية في بيئة التعلم بينما من الضروري رسم تلك السياسات على اساس استخدام التكنولوجيا الاستخدام الأمثل وتدريب المتعلم على الاستخدام الفعال للحصول على ما هو جديد، ولا يتحقق ذلك  إلا بإعادة استخدام المناهج  بحيث تتوافق مع تدفق المعلومات وسرعتها ،  فيحدد (بيتي وألارد) ثلاث خطوات لتحقيق الاستخدام الفعال للتكنولوجيا في توظيف المناهج الدراسية وهي : 
1- مساهمة التربية في التكنولوجيا في جميع أنواع النظم التعليمية.
2-  إيجاد تكنولوجيا ملائمة لجميع المراحل والمناهج الدراسية واستخدامها استخدام فعال.
3- إيجاد الحوافز والدعم.( Betty Collis& Allard Strijker, 2001, 2002 )






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كلامي